قراصنة البر والبحر

TT

من المحزن أن يشهد العقد الأول من القرن الحادي والعشرين عودة القرصنة إلى البر والبحر بعد أن ظن العالم أنها من سمات قرون غابرة لا تتسع لها أجواء عصرنا الحديث.. فما يشهده جنوب البحر الأحمر أو الشواطئ الصومالية تحديدا من قرصنة ملاحية يشكل عارا على القرن، وانتكاسة لأمان البشرية، ومن أمثلة القرصنة في البر ما حدث في جنوب غرب مصر المتمثل في اختطاف11 سائحا أوربيا ومرافقيهم الثمانية..

وسنؤجل الحديث عن قراصنة البحر لنتحدث عن النهاية السعيدة لحادث اختطاف السياح ومرافقيهم المصريين بعد سلسلة الجولات السندبادية التي قام بها الخاطفون عبر حدود مصر، وليبيا، والسودان، وتشاد.. سنتجاوز تعدد الروايات وتناقضاتها بين مصر وتشاد، حيث تؤكد مصر أن 30 من جنود وضباط القوات الخاصة المصرية نقلوا بمروحيتين إلى المعسكر الذي كان الرهائن محتجزين فيه في تشاد قرب الحدود السودانية، وشنوا هجوما قبيل الفجر على قرابة 35 شخصا كانوا يحرسون الرهائن، وأنها قتلت خلال العملية نصف الخاطفين، بينما ينفي التشاديون أن بلادهم كانت مسرحا للعملية التي أدت للإفراج عن المخطوفين.. وسواء تمت عملية تحرير الرهائن في تشاد أو بلاد واق الواق، فكل ما يعنينا أن مصر تعاملت مع هذه الحادثة بأعلى مستويات الحزم والحسم والعزم، وما صرح به وزير السياحة المصري زهير جرانة بأنه «تم تحرير الرهائن من دون دفع أية فدية» هو مربط الفرس، لأن نجاح الخاطفين في الحصول على أية مكاسب من جراء عملهم الإجرامي كان سيمثل ضربة مؤلمة لصناعة السياحة ليس في مصر، بل في كل دول المنطقة.

وتبقى مسألة القضاء على نشاط القرصنة في جنوب البحر الأحمر، وقد تجاوز عدد السفن المخطوفة هذا العام 30 سفينة، ولا يزال في حوزة القراصنة حوالي 12 سفينة، وأكثر من 200 فرد من أطقمها مسألة ينبغي أن تضطلع بها دول المنطقة المطلة على البحر الأحمر قبل أن تولد الكثير من الذرائع لقدوم العديد من القوات بأساطيلها وعتادها بحجة حماية الملاحة، وما يمكن أن يترتب على هذا الحضور من صراعات ومخاوف وحساسيات.. لقد ترك الصومال وحيدا يواجه مأساته، وها هو اليوم يحاول «صوملة» البحر الذي يطل عليه، فهل نتنبه لمأساته؟!

[email protected]