«القاعدة» والانبعاث الجديد

TT

من جديد ارتفعت وتيرة التفجيرات والأعمال العنفية المنسوبة إلى تنظيم «القاعدة».

وعلى رغم تفاوت الأمكنة والدول التي تشهد أحداثاً أمنية ترتبط بشكل أو بآخر بهذا التنظيم، إلا أن المؤكد أن أفغانستان عادت لتكون الساحة الأولى لعمل هذا التنظيم وفيها استيقظت حركة طالبان من جديد.

قبل أيام اغتيلت أبرز شرطية أفغانية في كابول، وهي كان سبق أن تعرضت لتهديدات من قبل حركة طالبان التي يبدو أنها تمكنت من قتل ما يزيد عن 700 شرطي أفغاني خلال الأشهر الستة الماضية.

لا شك أن «استيقاظ» طالبان وأوضاع المناطق الحدودية مع باكستان عوامل تساعد على نشاط الحركة، لكن يسبق ذلك قرار مركزي من تنظيم «القاعدة» بالعودة إلى أفغانستان باعتبارها أرض الانطلاق نحو العالم بعد تراجع دور ونشاط التنظيم في العراق.

إنها معادلة أمنية سياسية جديدة مطروحة على الإعلام تتزامن مع استطلاعات للرأي، آخرها استطلاع على مستوى العالم أعلنته شبكة BBC والذي يظهر فيه أن الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة الأميركية في إطار ما يسمى بـ«الحرب على الإرهاب» فشلت في إضعاف تنظيم «القاعدة»، بل إن 60% ممن شملهم الاستطلاع يعتقدون أن «القاعدة» أصبحت أقوى أو أنها لم تتأثر بتلك الجهود.

إنها معادلة جديدة. لكن يبدو أن الإعلام أو التيار الغالب في الإعلام العربي لا يزال يتعامل مع «القاعدة» منطلقاًَ من المعطيات الأولى التي سادت قبل سبعة أعوام في وقت يظهر فيه أن عودة «القاعدة» إلى أفغانستان وللنشاط ترافقت مع معطيات جديدة تتطلب ربما من وسائل الإعلام إعادة التفكير والنظر على نحول مغاير لما ساد قبل هذه المرحلة.

«القاعدة» تنشط في أفغانستان مجدداً لكنها أيضاً باتت متوطنة في أكثر من بقعة ومكان في العالم. وتعاطي «القاعدة» مع برامج مكافحة الإرهاب تطور أيضاً؛ فمن الملاحظ مثلا تراجع اعتماد التنظيم على وسائل الاتصال وتدني اعتماد عناصرها على دور الأفلام المرسلة سواء إلى قناة «الجزيرة» أو عبر الانترنت. حتى آليات التواصل الداخلي عبر الانترنت بين عناصر التنظيم باتت محدودة بسبب تطور تقنيات الملاحقة، وبالتالي يعتمد اليوم أكثر على الاتصال البشري المباشر وهذا ما أظهرته وثائق كشفت في أكثر من مكان استخدمته «القاعدة» في العراق.

على المستوى الإعلامي من الواضح أن «القاعدة» عادت لاستعمال عصبيات غير محمودة منها ما هو قومي، ومنها ما هو إثني، في عمليات التجنيد مثلما في أفغانستان واليمن، حيث يعاد إيقاظ بعض النعرات المذهبية في مساعي جذب المتطوعين الجدد كاللعب على عنصر البشتون لجذب عناصر جديدة إلى طالبان.

إنه واحد من الأمثلة التي تستحضر لدى محاولة فهم إعادة انبعاث ظاهرة من نوع «القاعدة» وبالتالي فإن تغطية نشاط «القاعدة» المستجد أو الكتابة الصحافية عن المرحلة الآنية أو الجديدة التي نمّر فيها تفترض التزود بخبرات مختلفة عن الخبرات التي سادت في المرحلة السابقة وليس الاكتفاء بقراءات مسبقة لكتب وتحليلات باتت سمتها التكرار والتبسيط.

diana@ asharqalawsat.com

* مقال اسبوعي يتابع قضايا الإعلام