من قتل روبرت كينيدي ـ أرامل ذلك العقد (الحلقة الثانية)

TT

قبل أسبوعين من اغتياله كان روبرت كينيدي ضيفاً على غداء عند بيار سالينجر، الناطق باسم البيت الأبيض أيام شقيقه. وكان هناك الممثل وارن بيتي وشقيقته، الممثلة شيرلي ماكلين، والكاتب الفرنسي رومان غاري. وإذ تربع روبرت على الأرض تقدم منه غاري وقال «إنك تعرف، بالتأكيد، أن ثمة من سيحاول اغتيالك ذات يوم».

وأجاب كينيدي: «هذه مخاطرة يجب أن أخوضها. وبعدها إما أن يكون الحظ معك أو ضدك. لكنني لا أعتقد أنني سأقتل لأسباب سياسية، بل سيكون ذلك نوعاً من الجنون». بعد أسبوعين تماماً. رصاصات ثلاث ثم يطبق على يده أحد الحرس. ويهوي السناتور كينيدي، الدم ينفر من أذنه اليمنى. لكن قبل أن يفقد القدرة على الكلام يسأله أحد مساعديه: «هل الجميع بخير»؟

سادت فوضى كبرى في القاعة. وأصيب أربعة آخرون برصاص سرحان. وسأله أحد الضباط بغضب: «لماذا فعلت ذلك؟» فأجاب «فعلتها من أجل بلدي». عندما وصل الرجل «الكاريبي» إلى مركز الشرطة طلب كوباً من الماء، لكنه اشترط أن ينهل منه شرطي أولا. ثم طلب أيضاً أن يستحم قائلا إن منظره غير لائق. وسئل عن اسمه فقال «جون دو». فقال له الشرطي «عندما تمثل أمام القاضي سوف تضطر لأن تعطيه اسمك الحقيقي، فأي اسم سوف تعطي؟».

أجاب: «أي شيء. جو دو.جيسي دو. أو لا اسم له».

حاول الضابط ملاطفته. قال له: «أرجو أن تفكر بي كمجرد بشري». فأجاب سرحان: «لسنا بشراً. نحن جميعاً دمى». في هذه الأثناء شاهد شقيقه، منير، ما حدث على التلفزيون، فهرع عائداً إلى المنزل، حيث وجد شقيقه الآخر عادل فقال لاهثاً: «هل نام سرحان في غرفته الليلة الماضية». دخلا الغرفة وأدركا أنه لم يعد إليها.

اليوم التالي، 6 حزيران 1968، أعلنت وفاة كينيدي. 42 عاماً وزوجة و11 طفلا. وفي موسكو قال عنوان صحيفة الحكومة «الازفستيا»: «تلك هي غابات أميركا». في الغد أفاق سرحان متعباً في زنزانته. لم يطلب رؤية أهله بل صحيفتي «لوس أنجليس تايمس» و«هيرالد اكزامينر» بالإضافة إلى كتابين في الصوفية. في هذه الأثناء حملت طائرة خاصة جثمان كينيدي ترافقه ثلاث من أشهر أرامل ذلك العقد: جاكلين كينيدي، اثيل كينيدي، وكوريتا، أرملة مارتن لوثر كينغ.

في مركز الشرطة، في لوس أنجليس، بدأ الاستماع إلى الشهود. شهادات قليلة تبقى كما هي وشهادات تتغير كل مرة.