ليس أصغر من هدهد سليمان!

TT

مساكين مشاهدو التلفزيون.. عندهم أسئلة وعشرات الأجوبة.. اختلف المفسرون والشراح وكلهم قد جلسوا للفتوى في كل شيء يعرفونه أو لا يعرفونه. وهذا حلال وهذا حرام.. حلال عند الإمام فلان وحرام عند الإمام علان.. وفي هذا قولان.. وفي هذا أربعة أقوال.

ولا أحد يسأل أحداً إن كان له حق الإفتاء.. مع أن الأطباء لهم نقابة والمهندسون والمحامون والمدرسون وليس مسموحاً لأحد بممارسة هذه المهنة إلا إذا كان كذا وكذا.. فكل شيء له شروط ومؤهلات حتى يحق له أن يفتح عيادة أو تكون له مؤسسة إلا الإفتاء. لقد سمعت واحداً يفتي في الفيزياء والكيمياء والطب. ويقال له: أحسنت أعد..

وفي اليوم التالي يجيء ويجلس ويفتي في كل شيء وهو ما لا يجرؤ عليه طبيب أو مهندس أو محام أو أستاذ جامعي.. غلطة؟ نعم غلطة شنيعة! لا بد من علاج لها بعد رمضان. فقد أدى هؤلاء الأساتذة إلى خلق مشاكل وليس إلى حل مسائل. وإزعاج الناس وليس إلى راحتهم..

وقديماً قال الشاعر:

إذا كان الغراب دليل قوم

يدلهم على جيف الكلاب

وقال شاعر آخر:

إذا أصبح الديك مفتياً فلا عجب

إذا تولى القضاء في الحي كتكوت

إلا إذا كان هذا المفتي عبقرياً فذاً.. ففي هذه الحالة يجب أن نستمع وأن نحني الرؤوس ونقول: نعم.

ويقال إن صبياً كان في مجلس الخليفة عمر بن عبد العزيز. فتكلم الكبار وقالوا كلاماً. وطلب الصبي أن يقول. فقال له أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز: وتتحدث في مجلس الكبار؟

فقال الصبي: إن كنت صبيا ًفلست أصغر من هدهد سليمان الذي قال له: أحطت بما لم تحط به.. ولا أنت يا أمير أكبر من سليمان!

وهذه هي المرة الوحيدة في التاريخ التي تجرأ فتى صغير أن يقول وأن يفتي!