أشعل السنة الإرهاب وأطفأ الشيعة الديمقراطية

TT

ليست أماني، بقدر ما هو واقع الأحداث الذي يقول إن الديمقراطية قد هزمت في منطقتنا، وفي الدول الناشئة، وسندخل مرحلة الديكتاتور العاقل في الدول المضطربة عوضا عن النظام الديمقراطي.

فشل أميركا في تحديد معاركها، وأسبابها، بعد إرهاب 11 سبتمبر، ورؤية بوش غير الناضجة لنشر الديمقراطية أخَّرا المد الديمقراطي في كثير من دول العالم، وما يعنينا هو واقعنا العربي. فلو نظرنا إلى ليبيا، والسودان، وسورية، وموريتانيا، نجد أن صفحة ليبيا ابيضت ليس بسبب تحسن سجلها الديمقراطي، وإنما لتخليها عن الطموح النووي. وكل ما فعلته سورية هو التفاوض مع الإسرائيليين عبر وسيط تركي، فهرع ساركوزي يفتح لها الشبابيك. حدث ذلك على الرغم من أن لدى السوريين قضايا تجعلهم أكثر عرضة للعقوبات الدولية من النظام العراقي السابق. وها هو السودان ينال عرضا مغريا من باريس لإنقاذ البشير. أما موريتانيا فلم يسعَّر ملفها لنعرف الثمن المطلوب للقبول بها كما هي.

تجاهلت واشنطن، بعد أحداث سبتمبر الإرهابية، حاجة منطقتنا للاستقرار، وحماية إنسانها، أكثر من الديمقراطية، لكن الأميركيين اندفعوا إلى حد حديث كونداليزا رايس عن الفوضى الخلاقة.

ولم تتنبه رايس إلى أن لدينا «الفوضى الإسلاموية» الأكثر تأثيرا من الفوضى الخلاقة، حيث لها القدرة على تعطيل أي نظام لا يضمن لها السلطة المطلقة. فأكثر من شوهوا العملية الديمقراطية في منطقتنا، وربطوها بالفوضى، هم الإسلاميون الحركيون.

وللتدليل بالواقع، ففي العراق لدينا حزب الدعوة، وجيش المهدي، والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية. ولدينا الإخوان المسلمون في مصر، الذين يريدون الوصول للسلطة من أجل نقض المعاهدات الدولية، وصب الزيت الإسلامي على نار الأقباط.

والصورة الأكثر وضوحا للإخوان هي حماس الإخوانية، وانقلابها على السلطة الشرعية. ولدينا حزب الله بلبنان الذي أنهى ديمقراطية لبنان بانقلاب بيروت. ولا ينفع الاحتجاج بالتجربة الإسلامية في تركيا، فالمفاوضات اليوم مع إسرائيل تجري تحت مظلة الإسلاميين الأتراك!

اللافت أن جميع الأحزاب الإسلامية التي تعيق العملية الديمقراطية في منطقتنا محسوبة على إيران، أكبر معطل للعملية الديمقراطية بالعراق ولبنان وفلسطين والبحرين والكويت، وإيران نفسها.

ما يجب أن يقال هو أن متطرفي السنة أشعلوا حرب الإرهاب في 2001، بينما أطفأ شيعة إيران شمعة الديمقراطية في منطقتنا. والغريب أن الأنظمة السنية تحارب المتطرفين، بينما إيران تغازلهم.

ورغم أن الحرب على الإرهاب، ونشر الديمقراطية، قضيتان ناجحتان، إلا أن تصدي محامين فاشلين مثل بوش وساركوزي لهما يدفع للقول بأنه مع الأزمة المالية العالمية، والصعوبات في العراق وأفغانستان، يبدو أننا نسير إلى اتجاه الديكتاتور العادل لا النظام الديمقراطي. فما أدى إلى انخفاض الإرهاب بالعراق ليس المصالحة، أو الديمقراطية، بل الصحوات، وانسحاب الصدر. وواضح أن أفغانستان تسير على اتجاه الصحوات العراقية، حيث أن الديمقراطية لم تجد لها أرضا في كابل.

هذا مع ضرورة التنبه إلى أن باكستان لم تفق، كدولة، إلا بعد تفجير الماريوت الإرهابي رغم كل الضحايا من أجل الديمقراطية. لا أحد يملك رؤية المستقبل بكل تأكيد، لكن المؤشرات تقول إن الديمقراطية قد هزمت.

[email protected]