أطال الله عمر الفقيد (2 ـ 3)

TT

وقد قرأ طه حسين نعيه بقلمي!

فعند منتصف الليل اتصلت بي صحيفة «الأخبار» المصرية تطلب معلومات ورأياً عن طه حسين لأنه مات. وقلت وأطلت: إنه ولد في نفس السنة التي ولد فيها العقاد والمازني وعبد الرحمن الرافعي وهتلر ونهرو والفلاسفة مارسيل وهيدجر وتشارلي شابلن وكوكتو والشاعرة اخاماتوفا وإنه وإنه..

وعند الفجر تأكدت أن طه حسين لم يمت. فطلبت تعديل عنوان المقال هكذا: أطال الله عمر الفقيد! ورجوت سكرتير طه حسين ألا يقرأ له هذا المقال. ولكن طه حسين قد سبقه وقرأ المقال وكلمني فآلمني!

والأديب الأميركي همنجواي قد قرأ نعيه هو أيضاً. فقد سقطت به طائرة عند جبال كلمنجارو. ومات كل من فيها. ونجا الأديب ولكن أحداً لم يعرف ذلك..

والفيلسوف الكبير برتراند رسل كان في طوكيو عندما نشرت الصحف البريطانية نعياً له فقد بلغها أنه مات فجأة. وكان للفيلسوف تعليق على ما نشرته الصحف عن فلسفته وما أحدثه في الفكر المعاصر في التربية المشتركة بين البنين والبنات. وقال: بل أنا أكبر وأعظم من كل ذلك. إن التاريخ ليس ظالماً ولكنهم المؤرخون الجهلاء الكسالى!

والشاعر الكبير عبد الرحمن شكري أحد مؤسسي «مدرسة الديوان» التي تضم العقاد والمازني اختفى سنوات فقيل إنه انتحر وقيل مات. وشاءت الصدفة البحتة أن أجده في بيت صغير في الإسكندرية. وقد قرأ عبد الرحمن شكري نعيه بكل الأقلام. وبعد أن اكتشفته مات. فكأنني جعلت موته معروفاً. واتصلت بالأستاذ العقاد. وسمعت بكاءه وارتجل أبياتاً من الشعر في صديقه عبد الرحمن شكري وحزنت أنا أيضاً.