إيران تصوت لأوباما

TT

أعلنت إيران على لسان سفيرها لدى وكالة الطاقة الدولية علي أصغر سلطانية أن بلاده تدرس إمكانية إعادة النظر في تخصيبها اليورانيوم محليا إذا وجدت وثيقة دولية تضمن حصولها على الوقود النووي بشكل مستمر، مما أثار شكوكا دولية حول جدية الطرح الإيراني، خصوصا أن الخارجية الفرنسية تقول إن ما تطرحه طهران اليوم هو ما طرحته مجموعة 5+1 من قبل، بل إن بعض المصادر الفرنسية نبهت إلى الحذر في التعاطي مع تصريحات سلطانية، خشية أن تكون مجرد بالون اختبار.

وبالطبع لا يمكن ضمان نيات إيران، إلا أن المتابع لسير الأحداث والسلوك الإيراني، وسلوك حلفاء طهران في المنطقة، حماس وحزب الله تحديدا، يشعر أن الإيرانيين يريدون خدمة مصالحهم في الانتخابات الأميركية لا أكثر.

فمع اقتراب الانتخابات الأميركية، وتزايد حدة السجال حول القضايا الانتخابية بين الجمهوري جون ماكين والديمقراطي باراك أوباما، أصبحت إيران وملفها النووي مثل كيس الملاكمة، خصوصا بعد حديث أوباما عن إمكانية التفاوض مع الإيرانيين في حال أصبح رئيسا لأميركا، وبالتالي فإن أي تصرف، أو تصعيد إيراني خاطئ قد يصعب مهمة الديمقراطيين، ويعزز حظوظ الجمهوري ماكين، الذي يعتبر وصوله إلى البيت الأبيض ضد مصالح طهران.

لذلك فإن التزام الإيرانيين للهدوء خلال الشهرين القادمين، وسحب أية ذريعة تحول الإيرانيين إلى كرة قدم يتقاذفها المرشحون في أميركا ليس سوى تصويت إيراني للمرشح الديمقراطي باراك أوباما.

وهنا لا بد من التذكير بما قاله وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي مؤخرا في نيويورك حول أن العلاقات بين طهران وواشنطن لا يمكن أن تتحسن ما لم تطرأ تغييرات على السياسة الخارجية الأميركية بعد انتخاب رئيس جديد لأميركا. بل إن متقي اعتبر التغيير في سياسة واشنطن يجب أن يهدف إلى الانفتاح على دول أخرى في العالم بما فيها دول الشرق الأوسط، وهذا يعني الانفتاح على إيران، على الرغم من أن طهران تتهم كل من له علاقة بواشنطن بالعمالة والتبعية، واليوم يريد متقي من واشنطن أن تلتفت لهم.

ومع استحواذ الأزمة الاقتصادية على ذهن الناخب الأميركي فإن كل ما يحتاجه ماكين الآن لتعزيز موقفه هو ظهور أي مؤشر على خطر للأمن القومي الأميركي، وأسهل شيء لتحقيق ذلك هو تهديد أو تصعيد إيراني جديد. وكثير من المحللين الأميركيين يتحدثون عن حاجة ماكين لأي أمر يغيب القصة الاقتصادية من الأخبار، ويحولها إلى قضايا الأمن القومي. وهذا ما فعله بن لادن من قبل عندما تحدث للأميركيين عشية الانتخابات التي ضمنت لبوش الولاية الثانية.

ويبدو أن الإيرانيين تنبهوا لذلك جيدا خصوصا أننا على مسافة خمسة أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأميركية، إلا أن الخوف من أن تأتي الدراسة الإيرانية لموقف إيقاف التخصيب المحلي على غرار دراسة وزير داخلية طهران التي انتهت بشهادة دكتوراه مزورة.

[email protected]