تقليل فجوة الصياح

TT

إن ارتكاب الإثم الآن يبدو متماثلا. في الأسبوع الماضي، انتقدت جون ماكين بقسوة بسبب الكذب، الكذب الصريح والمتكرر، حول اقتراحات باراك أوباما. أقول إن أوباما لم يكن بريئا من المسؤولية، ولكن أخطاءه لم تكن فظيعة مثل أخطاء منافسه. فأنا ثابت على كل شيء كتبته.

ولكن مجموعة من هجمات أوباما الجديدة تتطلب إعادة تحقيق التوازن: فقد انزلق أوباما إلى نفس الأساليب التافهة على المنصة وعلى الهواء. ففي قضية الهجرة، يذيع أوباما إعلانا باللغة الإسبانية يجمع في غير تمييز بين ماكين وراش ليمبو، وينقل على لسان ليمبو كلاما في غير السياق. أما في ما يتعلق بالرعاية الصحية، فإن أوباما يتهم ماكين على نحو مضلل بأنه يريد أن يفرض زيادة في الضرائب قيمتها 3.6 تريليون دولار على التأمين الذي يموله صاحب العمل.

ولكن أوباما تجاوز الخط كثيرا في قضية التأمين الاجتماعي، وانحدر إلى ذلك النوع من الأساليب المفزعة التي كان يهزأ بها من قبل.

قال أوباما أثناء جولته الانتخابية في فلوريدا التي بها نسبة كبيرة من المتقاعدين: «إذا فاز منافسي، فسوف يجد الملايين من سكان فلوريدا الذين يعتمدون على «التأمين الاجتماعي» أن تأميناتهم دخلت في البورصة هذا الأسبوع. وستناضل الملايين من الأسر لكي تحصل لآبائها وأمهاتها وجداتها وأجدادها على المعاش الآمن الذي يستحقه كل أميركي».

هذا كذب بكل بساطة، حتى مع وضع لهجة إثارة الفتن عند الحديث عن خصخصة التأمين الاجتماعي جانبا. وكما أشار موقع FactCheck.org القيم، فإن خطة الحساب الخاص التي اقترحها الرئيس بوش ويساندها ماكين لن تطبق على أي شخص ولد قبل عام 1950. ولن تغير من المعاشات التي يحصل عليها المتقاعدون الحاليون مثل أهالي فلوريدا الذين حاول أوباما أن يثير حفيظتهم. إن المنطق يقضي بأن العمال المقاربين لسن التقاعد أو الذين بلغوه بالفعل يجب أن يتمكنوا من الاعتماد على المعاشات التي وعدوا بها، وألا يكونوا عرضة لتقلبات السوق وتغيراته.

هناك حجة عادلة تقال دفاعا عن حكمة استثمار العمال لجزء من ضرائب تأمينهم الاجتماعي في حسابات خاصة. الاندفاع في مضاربات هذا العام دعم مقولة أن مثل هذه الحسابات فيها خطورة كبيرة، حتى ولو تضمنت ما يسمى بشبكة الأمان.

ولكن نسخة أوباما الكارتونية عن الحسابات الخاصة ليست ما اقترحه بوش، وهي بالطبع ليست ما يدعو إليه ماكين الآن. في خطة بوش، يمكن للعمال أن يستثمروا أقل من ثلث ضرائب تأمينهم الاجتماعي في الحسابات الخاصة. وإذا لم يرغب العمال في اختيار طريق أكثر خطورة، يمكن للعمال، بدءا من عمر 47، أن يستثمروا أموالهم في «حافظات دورة الحياة» تتحول من أموال ذات نمو كبير، إلى سندات أكثر أمانا كلما اقترب موعد التقاعد.

كذلك كانت إعلانات أوباما عن التأمين الاجتماعي. يحذر الإعلان: «تخفيض المعاشات إلى النصف، والمخاطرة بالتأمين الاجتماعي في البورصة. خطة بوش وماكين للخصخصة. هل يمكنك أن تتحمل حقا المزيد من هذا؟».

كما يشير موقع FactCheck: «هذا تشويه كامل». لن يتأثر أحد متقاعد أو يقترب من سن التقاعد بهذا. وهؤلاء الذين سيتقاعدون في المستقبل لن يحصلوا على معاشات كبيرة كما يعدهم القانون الحالي، ولا يمكن الاعتداد بوعود النظام الحالي أو حتى عبر زيادة الضريبة على دخول الأغنياء التي اقترحها أوباما.

تحدد خطة بوش زيادة معاشات بعض العمال وفقا لمعدل التضخم بدلا من المعدل العام السريع لزيادة الأجور. بطريقة أخرى، هؤلاء العمال سيحصلون على معاشات مساوية لقيمة الدولار الحقيقية مقارنة بالمعاشات التي يحصل عليها المتقاعدون الحاليون. ولكن بموجب منهج «تصنيف السعر المتصاعد» الذي يتبناه الرئيس، سيستمر العمال ذوو الدخول القليلة في الحصول على جميع مستحقاتهم الموعودة، وستقل معاشات العمال أصحاب الدخول المتوسطة شيئا ما، وستقل معاشات أصحاب الدخول الكبيرة بأكبر نسبة.

تصل حملة أوباما إلى حقيقة وراء الإدراك عندما تذكر أن هذا سيخفض المعاشات إلى النصف. في ظل تصنيف السعر المتصاعد، قد يرى العامل الذي يحصل على دخل متوسط انخفاضا نسبته 28 في المائة بالمعاش الذي وعد به، وذلك في عام 2075، بمعنى أن نقص المعاشات بهذا القدر سيؤثر على العاملين الذين لم يولدوا بعد. وسيجد العامل ذو الـ25 عاما الذي يحصل على أجر متوسط الآن تخفيضا أقل في المعاش عند وصوله إلى سن التقاعد، حوالي 16 في المائة على الأكثر.

والطريقة الوحيدة التي يمكن لحملة أوباما أن تضخم بها من حجم التخفيض المقترح في المعاشات إلى «النصف» هو أن تفترض أن التغيير في حساب زيادة المعاش سيطبق على جميع العمال، وليس فقط أصحاب الشرائح العليا. في هذه الحالة، سيحصل العاملون الذين لم يولدوا بعد على 49 في المائة من المعاش الذي لم يوعدوا به حتى الآن وذلك في عام 2075. هل تشك في هذه الأرقام؟ مصدرها هو جاسون فرمان، وهو الآن كبير مستشاري أوباما الاقتصاديين.

إلى الديمقراطيين القلقين مما إذا كان مرشحهم يريد أن يفعل أي شيء من أجل الفوز: يمكنكم أن تهدأوا.

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»