غزة على خطى أفغانستان

TT

بات من المألوف بين الحين والآخر صدور بيان يتحدث عن تنظيم مسلح جديد في الأراضي الفلسطينية تحت مسميات مختلفة، وتحديدا في قطاع غزة معقل حركة حماس الإخوانية، والقاسم المشترك بين جميع تلك التنظيمات هو امتلاكها للسلاح ودعوتها للقتال.

لا يهم حجم تلك الجماعات، لكن المهم هنا أمران؛ الأول هو التصعيد في لغة الخطاب، فكل بيان يأتي أكثر تشددا مما هو قبله. والأمر الآخر المهم هنا هو أن غزة باتت على خطى أفغانستان من انتشار للسلاح، والفقر، والانقسامات بين الجماعات المسلحة الراغبة في القتال، مما يقود من انشقاق إلى آخر.

رأينا جيش الأمة الذي قيل إنه وهمي، إلا أن حماس ألقت القبض على زعيمه أبو حفص، ثم عادت وأطلقت سراحه. كما رأينا صراعا دمويا بين قوات حماس وعائلة دغمش، واليوم نصل إلى ما يسمى بحزب الله الفلسطيني.

تحول غزة إلى أفغانستان أخرى أمر سيكون أول ضحاياه هم الفلسطينيين وقضيتهم التي تمزقت بسبب حركة حماس التي تريد الحكم على طريقتها وتنتظر من العالم أن يتكيف معها. وعلينا أولا أن نسقط الهراء الذي يقول إن حماس جاءت بالانتخابات. فمن يأتي بالانتخابات ليس من حقه أن ينتقي ما يريد وما لا يريد من الاتفاقيات التي أبرمتها السلطة الشرعية التي دعت إلى الانتخابات التي وصلت حماس عبرها. وللأسف أن هذا الحديث ليس بين العامة وحدهم، بل حتى بين البعض من السياسيين العرب. من يريد الانتخابات عليه أن يتقيد بكل الاتفاقيات.

وما يجب قوله هنا إن حماس خطر حقيقي على القضية الفلسطينية. حماس ضيعت فرصة تحقيق الدولة الفلسطينية بانقسامها على السلطة الشرعية لأبو مازن، وقادم الأيام بالتأكيد سيكون أسوأ مع قرب انتهاء ولاية الرئيس الفلسطيني محمود عباس واحتمال رحيله عن السلطة الفلسطينية في شهر يناير المقبل، ولذا فإن التساهل مع حماس سيكون خطيئة عربية طالما العرب يحرصون على القضية الفلسطينية.

تحول قطاع غزة إلى مخزن قابل للانفجار بالفقر والسلاح والقمع، خطر حقيقي على المصريين، فقد ثبت لنا أن حماس لا تصب جام غضبها على الإسرائيليين بل على مصر وحدودها، وهذا ما رأيناه في أزمة المعابر.

فحركة حماس التي حاولت جر مصر إلى أزمة المعابر، تنعم بهدنة مع إسرائيل حولت قطاع غزة إلى جبهة لا تشبه إلا جبهة الجولان بهدوئها، وهي التي تتهم السلطة بالمهادنة وتضييع القضية.

ملخص الحديث هو أنه ما دمنا لم نلمس حتى الآن وجود تيار عاقل داخل حماس يقدر عواقب الأمور في غزة، خصوصا أننا لم نسمع احتجاجا على تهديدات حماس باحتلال الضفة الغربية والسيطرة عليها مثل ما فعلت في قطاع غزة، فلا بد من موقف حاسم مع حماس، وذلك لسبب بسيط وهو أن المركب الذي تغرقه حماس ليست فيه وحدها بل جميعنا سنكون ضحاياه. وعليه لا ينبغي ترك حماس تفتت الفلسطينيين كيفما شاءت، أو خططت مع إيران.

[email protected]