هل هو السباق الأخير على رئاسة أمريكا العظمى؟!

TT

ثمة من يعتقد أن الأزمة المالية التي تمر بها الولايات المتحدة الأمريكية ستقتات من تفردها في زعامة العالم، وأنها ستغدو دولة كغيرها من الدول لا قوة أحادية عظمى كما هو حالها الآن، وأن دولارها سيغدو مجرد عملة من العملات لا ورقة سحرية تشكل احتياطات الدول.. ولو حدث هذا الأمر فإن الاهتمام العالمي بانتخابات الرئاسة الأمريكية مستقبلا لن يكون على هذه الدرجة من الحماسة التي تجعل من الانتخابات حدثا عالميا على هذه الدرجة من الحضور.

وحتى يتحقق ذلك أو لا يتحقق، لا بأس من الحديث عن صناعة الرئاسة في أمريكا، والتي هي من أصعب الصناعات، وأكثرها تعقيدا، فخلف كل مرشح للرئاسة حشد كبير من الخبراء النفسيين، والاقتصاديين، والسياسيين، والإعلاميين، وخبراء التجميل، وغيرهم.. فمناظرة كالتي جرت بين باراك أوباما، وجون ماكين قبل أكثر من أسبوع يمكن القول إن كل حركة، أو ابتسامة، أو إيماءة، أو قصة شعر، أو ربطة عنق، قد خضعت جميعها لعيون ناقدة خبيرة باعتبارها ضمن منظومة التأثير النفسي على الناخب، فالأمريكيون يؤمنون جيدا بمقولة ديل كارنجي: «عندما تتعامل مع الناس، تذكر أنك لا تعامل أناسا عقلانيين ولكن عاطفيين في الدرجة الأولى»، والمرشحون لحكم أقوى دولة في العالم ـ حتى اللحظة ـ يخضعون لهؤلاء الخبراء خضوع التلميذ لأستاذه، فهم يدركون أن مخالفتهم نوع من المغامرة، التي كلفت بعض من سبقوهم كثيرا، حتى إن العنيد ريتشارد نيكسون الذي رفض إبان مناظرة جون كينيدي في الستينات أن يخضع لأنامل خبراء التجميل لعمل «الماكياج» المناسب قبل الظهور، أدرك بعد فوات الأوان فارق الإطلالة بينه وبين جون كينيدي، وغدا بعد ذلك المرشح المطيع لكل ما يقترحه الخبراء في حملاته الانتخابية.

وبعيدا عن نتائج استطلاعات الرأي التي أعقبت المناظرة التي جرت قبل أسبوع بين المرشحين الديمقراطي أوباما، والجمهوري ماكين، وأظهر بعضها أن أداء أوباما كان الأفضل مقارنة بأداء منافسه جون ماكين، فإن قدر ماكين قد وضعه في مواجهة منافس يمتلك «كاريزما» استثنائية لم تتوفر في أي مرشح رئاسي أمريكي منذ رحيل الرئيس جون كيندي.. ففي مواجهة هذه العاصفة التي اسمها أوباما، فإن مهمة ماكين تبدو على درجة كبيرة من الصعوبة، فالنقع الذي يثيره الجواد الأسود برشاقته في مضمار السباق يوشك أن يغطي على ركض منافسه العجوز المثقل بفارق الحلم، وفارق العمر، وفارق صورة الغد التي يلوح بها للأجيال.. ورغم كل شيء يظل السؤال مشرعا: هل هو السباق الأخير على رئاسة أمريكا العظمى قبل أن تتحول إلى مجرد قطب ضمن مجموعة الأقطاب الجدد؟

[email protected]