وقاحة!

TT

معركة «حقيرة» جديدة تحضرها إسرائيل ضد العرب، هذه على حقوق ملكية أهم الأطباق فمنذ فترة ليست بالقصيرة واسرائيل بدأت الترويج للشاورما والفلافل والحمص والبابا غنوج واللحم بالعجين على أساس أنها مأكولات اسرائيلية، بل وأحيانا يزيدون عليها فيدعون أنها مأكولات «كوشر» وهو اللفظ الديني للمأكولات التي تجيز أكلها التعليمات التوراتية وتوجيهات معلمي التلمود.

ويقوم لبنان بحملة علاقات عامة للدفاع عن هذه الوجبات التي عرفت تقليديا على أنها مأكولات لبنانية بامتياز (وقد أضاف لبنان للقائمة الفتوش والتبولة طالبا حمايتها أيضا كصحون منشأها لبناني) ويستشهد لبنان في حملته بنجاح اليونان في الحصول على حماية دولية لجبنتها الأشهر «فيتا» بعد محاولات أكثر من دولة في ادعاء ملكية هذا النوع من الأجبان، وقبل ذلك نجحت قبرص في الحصول على حكم مماثل لحماية جبنتها «الحلوم» وهي ذات المنشأ القبرصي المعروف وسجلت ذلك رسميا ودوليا.

ومن قبل حمت فرنسا منطقة «سامباين» من استخدام الاسم للمشروبات الكحولية الغازية واعتبار ان اسم المقاطعة هو علامة مسجلة يحظر استخدامها إلا لذلك الامر وخسر دار ايف سان لوران قضية مشهورة حين اصدر قارورة عطر بنفس الاسم. ودخلت اثيوبيا في صراع قانوني عنيف ضد سلسلة محلات ستاربكس العملاقة للقهوة بعد ان حاولت الأخيرة «تسجيل» اسماء الثلاث مقاطعات الأكثر شهرة في انتاج القهوة باثيوبيا بوجاشفيه وهارار وسيدانو لصالح الشركة، وبعد اجراءات قانونية معقدة تم الاتفاق بالتراضي على اقتسام حصيلة منتج هذه المناطق بين الطرفين.

واليوم اسرائيل تحاول استغفال العالم باعادة رسم «الحقائق» بعد أن تمكنت من اعادة رسم الحدود والوقائع واعتبار كل أكاذيبها أمرا يجب التعامل معه واعتباره حقا قاطعا. هذه اللعبة الإسرائيلية الجديدة هبوط جديد في الاخلاق، ولكن لا يجب التعاطي معه بالعاطفة الجياشة والتشنج والصياح ولكن بالتحضير الجيد والتوثيق المعتمد ونشر المعلومات في عالم تقني رقمي يستقبل المعلومة وينشرها بسرعة الضوء وتصبح في متناول الجميع، ومن حسن الظن أن الذاكرة العامة للاغلبية لا تزال حية، فالكثير يبدو لا يزالون يتذكرون بصورة قطعية تناولهم لتلك المأكولات مع لبنانيين وعرب وعلى موائد لبنانية وعربية. ولكن هناك إجماعا عربيا على أن الوجبتين الاساسيتين اللتين تملك اسرائيل حقهما الحصري وبامتياز وذاق الكل منها المر المركز هما «البطيخ المبسمر» و«السم الهاري».. فعلا اذا لم تستطع فاطبخ «ما شئت».

[email protected]