ماكين في مواجهة بالين

TT

لننس أمر جو بايدن. أريد أن أرى مناظرة بين كل من جون ماكين وسارة بالين. فقد كان ازدراء ماكين لباراك أوباما محط الأنظار في مناظرتهما. لقد كانت وجهة نظر ماكين هي أنه كيف يجرؤ مثل هذا الحقير التافه أن يتخيل أنه يستطيع أن يصبح رئيسا. فقد كنت أنا الذي أسافر إلى وزيرستان مرارا وتكرارا ! وكنت أنا وهنري كسينجر صديقين حميمين عندما كان أوباما مازال طفلا صغيرا !

لقد كان الاستماع إلى ماكين في المناظرة أشبه بالتجول في ذاكرة السياسة الخارجية، حيث نشاهد: بريجينيف وأندروبوف وتشيرنينكو وجورج شولتز «وزير الخارجية الأميركي العظيم».

لقد كان لسان حال ماكين يقول: لقد كانت هذه هي الأيام العظيمة يا صديقي. ولقد كنا نعتقد أن الحرب الباردة لن تنتهي أبدا. وقد كان ماكين يجذبنا إلى ذاكرة التاريخ بقوله: «في عام 1983، عندما كنت رجلا جديدا في الكونغرس...»، وكذلك بقوله: «لقد كنت أدعم نان لوغار في أوائل التسعينات». وعندما كان ماكين يصف كيف أن الحدود الباكستانية الأفغانية «لم تكن محكومة منذ أيام الإسكندر الأكبر»، كدنا نتوقع أنه سوف يخبرنا كيف أنه قاد وفد الكونغرس الذي قابل الإسكندر. وكل ذلك الحديث عن الماضي لا يدهشني كتكتيك سياسي ذكي ـ أو أنه ربما يكون استراتيجية؟ لقد خاطر ماكين بأخذ دور العم غريب الأطوار الذي يصر على إخبارك بقصص الحرب القديمة ـ مرة بعد أخرى، بغض النظر عن عدم صلة هذه القصص بالواقع الذي نعيش فيه.

وقد كان افتتاح ماكين للمناظرة بالإشارة إلى أن تيد كنيدي في المستشفى، لمسة كريمة بكل تأكيد، لكن تذكير الجمهور بمرض السيناتور الكبير ليس هو الخيار الأفضل لرجل قد بلغ من العمر 72 عاما وقد نجا من مرض السرطان، وهو في الوقت ذاته يرغب في أن يكون رئيسا. وما يحيرني بشأن بالين هو ذلك الاختيار الغامض لها من قبل ماكين. وأستطيع أن أفهم كيف ينظر ماكين إلى أوباما كرجل عديم الخبرة وغير مستعد لتولي منصب الرئاسة.

وتتمثل حجة ماكين في البحث عن تولي منصب الرئاسة في أن لديه الخبرة الكافية للاضطلاع بهذه المهمة. وقد أشار إلى هذه النقطة مرة بعد أخرى في مساء يوم الجمعة، حيث قال: «لقد كنت مشتركا ـ كما أوضحت لكم من قبل ـ في كل تحد قومي كبير واجهته الولايات المتحدة خلال العشرين عاما الماضية. وهناك بعض المزايا للخبرة والمعرفة والحكم الصائب». وقال ماكين أيضا: «إن الشيء المهم هو أنني قمت بزيارة أفغانستان وسافرت إلى وزيرستان كما سافرت إلى هذه المناطق وأنا أعلم ما هي متطلبات الأمن القومي للولايات المتحدة».

وتواصل بالين حديثها قائلة: «إن الطريقة التي فهمت بها العالم كانت من خلال التعليم والكتب والأشياء التي أتاحت لي رؤية شاملة للعالم من حولي».

وربما يكون ذلك صحيحا إذا استطاعت بالين تقديم دليل على أنها قد قامت بالقراءة كثيرا عن التاريخ أو الشؤون الدولية. وفي مقابلة صحافية مع تشارلي روز من قناة بي بي إس في العام الماضي http://www.charlierose.com/guests/sarah-palin عن كتّابها المفضلين، أجابت بالين بأنهم سي إس لويس ـ «أقرأ أعماله بعمق شديد جدا جدا». والدكتور جورج شيهان، وهو كاتب يعاني المرض حاليا وكان يكتب في مجلة رانرز ورلد، والذي ما زالت بالين تحتفظ بمقالاته.

وتقول عنه بالين: «لقد كان ملهما ومشجعا كبيرا. وكان رياضيا وأعتقد أن الكثير مما تعلمته من الرياضيين عن المنافسة والعيش بطريقة صحية قد بقي معي طوال هذه السنين». وماكين قارئ نهم للتاريخ. وفي يوم انتخابات نيو هامبشاير التمهيدية، جلست في حافلة حملته الانتخابية أستمع إليه وهو يسهب بإطناب عن كتابة وليم مانشستر عن دوغلاس ماك آرثر.

وفي آخر كتبه «هارد كول» يشرح ماكين سبب أهمية معرفة التاريخ: «إن الرجال العظام الذين كانوا يعرفون بقدرتهم على رؤية العالم من حولهم، كانوا يعرفون التاريخ قبل أنه ينظروا فيما وراءه، وكانوا يفهمون القوى التي تحركه في الاتجاهات المختلفة». وإذا كان هناك دليل على أن بالين لديها ذلك الفهم، فإنه لم يظهر بعد. إن النظر إلى التاريخ مع بالين كنائبة للرئيس لهو شيء مخيف.

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»