هل يساعد ساركوزي إيران أيضا؟

TT

في الوقت الذي أعلنت فيه فرنسا دعمها لمبادرة الوساطة بين الحكومة الأفغانية برئاسة حميد كرزاي وحركة طالبان، اقترحت استضافة اجتماع للدول المجاورة لأفغانستان، بما فيها إيران وباكستان. وبذلك تكون باريس قد دخلت على الخط في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الأفغاني أنه يطلب من العاهل السعودي الملك عبد الله المساهمة في إحلال السلام في أفغانستان، وترددت الأخبار عن لقاءات عقدت في مكة المكرمة بين أطراف أفغانية.

فهل بوسع الرئيس ساركوزي أن يكون وسيطا في الأزمة بينما جنوده ما يزالون جزءا من تحالف دولي يحتل أفغانستان ويخوض معركة بالسلاح في كابول ضد طالبان؟

فرنسا طرف في الأزمة، فكيف سيتسنى لها تقديم مبادرة سياسية، وأين مصداقيتها، والمرونة التي تحتاجها، بينما جنودها يقتلون الطالبانيين؟ والأمر الآخر هو مقابل ماذا ستسعى باريس لجمع طهران مع باكستان وطالبان على طاولة واحدة؟

هذه خلطة ستنتج عنها جبنة لا تشبه أجبان فرنسا السياسية، بل ستكون لها رائحة وطعم لا يتحملهما حتى الطاهي نفسه! فالمؤتمر الذي تريد فرنسا الدعوة إليه عامل قلق أكثر من كونه مؤشرا على حنكة سياسية فرنسية.

فما هي سياسة الدول الأوروبية التي تترأس باريس اتحادها، تجاه إيران، هل هي المقاطعة كما تقول أوروبا؟ وإذا كان الأمر كذلك فإن دعوة إيران لمؤتمر يخص أفغانستان من قبل باريس سيكون مؤشرا على انفتاح مع طهران، وهذا خطأ سياسي. فالانفتاح مع إيران من خلال إعطائها مفتاحا للاستقرار في أفغانستان، وآخر للأمن والاستقرار في العراق، يعني أن الأوروبيين سلموا الضبة والمفتاح بالكامل للإيرانيين في المنطقة.

كما أن ذلك يعد إعطاء مشروعية للتمدد الإيراني بمنطقتنا، واستجابة لمنطق طهران التي أعلنت سابقا أن بيدها مفاتيح العراق، وغزة، ولبنان، وأفغانستان. ودعوة إيران لطاولة الحوار حول أفغانستان شرعنة لكل التمدد الإيراني في المنطقة. وهذا التصرف الفرنسي، إن تم، سيكون مشابها لما فعلته باريس مع السوريين عندما رسمت لهم نافذة في السماء من دون أن توجد لهم أرضا يقفون عليها في المجتمع الدولي، بل إننا رأينا حشدا للقوات السورية على الحدود مع لبنان. وقد يكون الأمر مجرد قراءة سورية خاطئة للتقارب مع باريس، لكنه مؤشر على أنه تقارب غير ناضج، فلا أحد يضمن استغلال دمشق للأوضاع الدولية من أجل أن تقوم بعملية في لبنان على غرار العملية الروسية في جورجيا.

فرنسا ليست دولة صغيرة، كما أنها ليست دولة يمكن الاستغناء عنها، إلا أن المقلق هو أن هناك تسرعا في السياسة الفرنسية، يحبط أصحاب الحقوق، ويمنح الأمل لأصحاب المطامع.

فلماذا تتجاوب حماس، أو حزب الله، أو دمشق، مع المطالب الفلسطينية، أو اللبنانية، إذا كان في الأفق ملامح لانفتاح فرنسي مع إيران؟ حينها من الأفضل لمشعل ونصر الله ودمشق الانتظار للحصول على عرض أفضل، وفي ذلك خدمة للمصالح الإيرانية أيضا.

الحوار مع إيران ليس أمرا مزعجا، لكن المزعج هو التسرع الفرنسي في كل اتجاه، والسؤال ببساطة هو ما ثمن الحوار مع إيران، أو دمشق؟ هل من إجابة!

[email protected]