الصين: من الأولمبياد للسير في الفضاء.. وماذا عن برامجنا؟

TT

بعد الإنجاز والإبداع الهائل الذي حققته الصين في دورة الألعاب الأولمبية في بكين في شهر أغسطس الماضي، ها هي تحقق إنجازاً آخر رائداً في مجال الفضاء، فقد قامت أخيراً على متن مركبة الفضاء الصينية «شنتشو ـ 7» بأول مهمة للسير في الفضاء الخارجي خارج مركبة، في خطوة مهمة تعزز من قوة الصين وكبريائها الوطني.

وهذه هي ثالث مهمة فضاء مأهولة للصين، فقد كانت أول رحلة فضاء مأهولة لها في 2003، ثم تبعتها برحلة ثانية مأهولة في 2005، وتعد القدرة على السير في الفضاء أمرأ أساسياً للصين لهدف آخر لها على المدى الطويل، يتمثل في تجميع مختبر فضائي، ثم محطة فضاء أكبر، وربما في يوماً ما القيام بهبوط على سطح القمر، حيث ترغب القوة الآسيوية التي تنمو بشكل سريع في أن يكون لها كلمة في الاستخدام المستقبلي للفضاء.

هناك حالياً برامج فضاء متزايدة ومتنافسة واستراتيجيات عالمية متعددة الأهداف في الدول المتقدمة في مجال استكشاف وغزو الفضاء، كما أن هناك تعاونا دوليا في مجال بحوث واستكشاف الفضاء، فمحطة الفضاء الدولية International Space Station(ISS) على سبيل المثال، هي أكبر تعاون دولي علمي في مجال الفضاء حالياً، فقد تعاونت الولايات المتحدة وروسيا واليابان وكندا وإحدى عشرة دولة تمثلها وكالة الفضاء الأوروبية على تشييد محطة الفضاء والإقامة فيها، ومن خلال التجارب العلمية التي تجرى في هذه المحطة، تسعى تلك الدول على تحسين الحياة على الأرض وتمهيد الطريق أمام البرامج القادمة لاستكشاف الفضاء.

لم تعد برامج وبحوث الفضاء رفاهية، بل أصبحت ضرورة لتعزيز مكانة وقوة الدول، فهناك حالياً برامج فضاء متميزة ومتزايدة وميزانيات هائلة في الدول المتقدمة بهدف الهبوط على سطح القمر والمريخ، فعلى سبيل المثال، أعلنت شركة «غوغل» Google ـ صاحبة محرك البحث الشهير ـ العام الماضي عن مسابقة بقيمة 30 مليون دولار لتشجيع المبادرات الفردية باتجاه استكشاف القمر وإحياء البحث العلمي على سطح القمر، في وقت قريب جداً، حيث قررت منح هذه القيمة لأول شركة خاصة تنجح في إنزال مركبة آلية متحركة على سطح القمر. كما أن هناك تعاونا واتفاقا بين وكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، وشركة غوغل، تقوم بموجبه وكالة ناسا، بنقل صور حية ومعلومات الى محرك البحث «غوغل»، مثل توفير معلومات عن المناخ وصور ثلاثية الأبعاد للقمر والمريخ، بالإضافة الى تسلسل زمني حقيقي للرحلات الى محطة الفضاء الدولية وبرامج المكوك، كي يمكن توفير الصور والمعلومات لأي فرد على شبكة الإنترنت.

ويذكر أن «غوغل» قد أطلقت برنامج «غوغل مارس» لتصفح سطح المريخ، وبرنامجي «غوغل إيرث» و«غوغل مون» اللذين يتيحان للمستخدم رؤية أماكن دقيقة على كل من الأرض والقمر بشكل تفاعلي.

وفي الهند يوجد برنامج فضاء هندي طموح تقوم بتطويره وتنفيذه «منظمة أبحاث الفضاء الهندية» (إسرو) Indian Space Research Organization(ISRO)، والتي تقوم أيضاً باستخدام تكنولوجيا الفضاء لخدمة التنمية الوطنية خاصة في مجالات التعليم والصحة والإتصالات والبيئة وإدارة الكوارث الطبيعية.

وأخيراً يبقي السؤال، متى يكون لدينا برامج فضاء عربية متميزة نباهي بها العالم وتعزز مكانتنا في مجال بحوث وعلوم الفضاء، أم أن برامجنا ستظل قاصرة على القنوات الفضائية العربية المتزايدة والمتنافسة وبرامجها المتزايدة وبخاصة خلال شهر رمضان المبارك؟

لقد أصبحت هناك ضرورة عاجلة لتوحيد الجهود العربية وإطلاق برنامج فضاء عربي طموح، يعزز ويقوي قدراتنا ومكانتنا الدولية في مجال الفضاء، بما يخدم ويقوي مجالات التنمية الوطنية في البلاد.

* كاتبة وباحثة مصرية

في الشؤون العلمية