لا بد من حماية المسيحيين

TT

يبدو أن هناك حملة منظمة تستهدف المسيحيين من أبناء العراق، مما حدا برئيس أساقفة الكلدان في كركوك، الأسقف لويس ساكا، إلى تذكير العراقيين بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بحق الجار على الجار.

في ثنايا حديث الأسقف ساكا عن ضرورة حماية المسيحيين العراقيين لمح إلى أمر خطير يستحق الملاحظة حيث يقول: «ما نتعرض له من اضطهاد وملاحقة وبطش أهدافه سياسية.. من يستهدفنا يبحث عن مكاسب، والهدف هو إما دفع المسيحيين إلى الهجرة أو إجبارنا على التحالف مع جهات لا نريد مشاريعها». وأضاف إن التصفية تتم وفق «خطط إقليمية وداخلية لأنها جزء من مشروع الفوضى الذي يراد للعراق، الذي تحول وللأسف إلى ساحة للتصفيات بحيث الوضع بات معقدا للغاية وشديد التداخل».

والسؤال هو من هي تلك الجهات التي تدفع مسيحيي العراق إلى التحالف معها، أو القتل والتهجير؟ فكلنا نعرف أن «القاعدة» وفكرها الإجرامي أبعد ما يكون عن التحالف مع المسيحيين، أو فهم اللعبة السياسية من باب أولى.

وبينما «القاعدة» تمارس التنكيل بالمسيحيين، كان لافتا أن نواب الائتلاف الشيعي سبق لهم رفض مشروع كان فيه حماية للأقلية المسيحية، خصوصا أن العراق دائما ما يفخر بتاريخه الآشوري والكلداني، والكنيسة العراقية تسمي نفسها بالكلدانية. فقد صوت الائتلاف الشيعي ضد المادة 50 التي تتعلق بتمثيل الأقليات في مجالس المحافظات وذلك خلافاً لما وعد به عبد العزيز الحكيم، ليخرج القانون مشوهاً ناقصاً هاضماً الحد الأدنى من الحقوق السياسية للشعوب العراقية الصغيرة، ومنها الكلدوآشوريون المسيحيون. وهذه مفارقة غريبة حيث أن نظام صدام حسين قمع الأقوياء، لكنه لم يتعرض للأقليات الصغيرة، بينما عراق الديموقراطية اليوم أول ما فعل هو إهمال حق الأقليات الصغيرة التي لا تحمل سلاحا، ولا تجد قبائل وعشائر تدافع عنها.

فالأسقف ساكا يؤكد أن «المسيحيين في العراق ليست لديهم ميليشيات وعشائر للدفاع عنهم»، مضيفا «أشعر بالألم والظلم لأن أبرياء يقتلون ولا نعلم لماذا. لا يمكننا تشكيل قوة لحمايتنا لأنها لا تحل المشكلة بل تزيدها تعقيدا».

استهداف الأقليات، ومنهم المسيحيون العراقيون، يعني تفتيت العراق، والإخلال بتركيبته الثقافية، والسياسية، فمن يضمن أن الأمر يقف عند الأقليات الصغيرة، فاستثناء طائفة أو إثنية يعني فتحا لأبواب الجحيم، التي يستطيع البعض إشعالها، لكن لا أحد يضمن إخمادها. فلافت للنظر قول الأسقف إن «أعداد المسيحيين قبل العام 2003 كانت حوالي 800 ألف نسمة ونتيجة الظروف واستهدافهم في الموصل وكركوك وبغداد والبصرة أدى ذلك إلى هجرة حوالي 250 ألفا منهم.. تعرضنا لأكثر من مئتي تفجير وخطف وقتل، استهدفت كنائسنا في بغداد والموصل وكركوك أسفرت عن مقتل أكثر من مئتين».

واجب العراقيين جميعا، لا حكومة بغداد وحدها، حماية المسيحيين العراقيين من القتل والتهجير، وكل أنواع القمع التي يتعرضون لها، خصوصا أنهم لم يسبق أن كانوا جزءا من تحالفات ضد العراق، ولم يأتوا ببرايمر، وغيره. كما أنهم يعانون من أسوأ أوضاع يتعرض لها مسيحيو المشرق.

[email protected]