ومتى يفطم الآخرون؟

TT

ما أن استشعرت طهران ودمشق أن أزمة العلاقات الأميركية ـ الروسية بسبب جورجيا قد تكون في مصلحتهم من أجل التسلح، حتى هرول رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، إلى روسيا ليقطع الطريق على تسليح الإيرانيين والسوريين.

وحصل أولمرت على ما يريد تقريبا، فموسكو صرحت بأنه «لا أسلحة للمناطق المتنازع عليها»، وهذا بالطبع رد دبلوماسي يعني إيران وسورية. وهنا نرى أن إسرائيل قد قامت بكل شيء من أجل خدمة مصالحها.

والسؤال هو: ماذا عنا نحن في العالم العربي؟ متى نفطم من السلاح المفلوت في جل دولنا العربية، والموجود أحيانا بيد جماعات لم تستخدمه إلا للقتل، والتنكيل بحق دولنا وبحقنا؟ هناك سوق سوداء في اليمن يوجد فيها حتى الدبابات. والصومال أصبح الآن مرسى لكل سلاح شارد ووارد، ولولا عمليات القرصنة لما عرفنا، كرأي عام، عن الأسلحة الثقيلة والخفيفة التي تعبر بحارنا لتزيد مآسينا فوق ما لدينا من تاريخ مليء بالدم والدمار.

فبعد الحروب الطاحنة في السودان، وأكثر من مليوني قتيل في حروب السودان، نكتشف أن مزيدا من الأسلحة العابرة للمياه الإقليمية قبالة الصومال هي في طريقها إلى السودان، من أجل مزيد من الحروب، وكأنه لا يكفي ما حل ويحل بالسودانيين من أزمات ومعارك، وخسائر. وهذا ما نعلمه من تسلح اليوم بعد ازدياد عمليات القرصنة في الصومال، أما ما لا نعلمه فهو أكثر وأخطر، وإلا لماذا يزور وزير دفاع إيران الخرطوم؟

وبعيدا عن السودان، وقريبا من الصراع التاريخي العربي ـ الإسرائيلي، قد يقول البعض إن التسلح ضد إسرائيل واجب، وأمر حتمي، لكن المؤسف أن كل سلاح اشتري لحرب إسرائيل ارتد على العالم العربي.. فعلها صدام من قبل وانتهى في الكويت، والأمر نفسه تقوله إيران لكنها تهدد الخليج.

وهنا لدينا مزيد من الأمثلة، حيث رأينا سلاح حزب الله يرتد على المواطن اللبناني، فما حدث في السابع من أيار في انقلاب بيروت لم يكن مشهدا يحدث في تل أبيب بل في قلب العاصمة اللبنانية.

والأمر نفسه حدث مع حركة حماس، حيث رأينا السلاح يستخدم ضد الفلسطينيين، لا الإسرائيليين الذين ينعمون بهدنة حقيقية مع حماس، يحلم بها الفلسطينيون بين بعضهم البعض. كما رأينا أيضا أسلحة المخيمات تستخدم ضد دولنا.

ومن هنا يجب أن يكون الحديث أولا عن شرعية ملكية السلاح والتي يجب أن تحسم بأن تكون تحت إمرة الدولة، لا الجماعات والتنظيمات بكل أنواعها، وتجار السوق السوداء.

وعدا عن كل ما سبق هناك حجم ونوعية الأسلحة المهولة التي تقع بيد الإرهابيين في عالمنا العربي والتي تستخدم للقتل والدمار، وهناك سوق رائجة لها، وإلا كيف نفسر نوعية الأسلحة التي تكتشف بأيدي الإرهابيين.

مارست إسرائيل كل ما بوسعها لتمنع إيران وسورية من التسلح، فمتى نبادر نحن لفطم منطقتنا من التسلح الخطر، الذي يهددنا، ولا يهدد أعداءنا؟

[email protected]