بعد إعلان البراءة!

TT

غريب الأطوار هذا المطرب الكويتي حسين الأحمد، فهو ينتقل من طور نفسي إلى آخر عبر زوايا شديدة الحدة، حتى أنه اشتهر إعلاميا من خلال هذه التحولات أكثر من شهرته كفنان؛ فقبل بضعة شهور أعلن طلاق الفن، ويمم صوب أفغانستان حاملا كما قال بعض الملابس القديمة والأحذية لتوزيعها على فقراء الأفغان، وقال حينها عن الفن ما لم يقله السابقون واللاحقون، وقد احتفت بتحوله هذا الكثير من المنتديات التي تشاركه ذلك التوجه، وتحول فجأة إلى علم يتابع أخباره الكثير من وسائل الإعلام، وعنونت صحيفة «الرياض» خبرا عنه بـ«حسين الأحمد نجم إرهاب أكاديمي»!.. وكما ذهب فجأة عاد فجأة، واصفا الذين التقى بهم هناك بأنهم حشاشون، وزارعو مخدرات، وقال عنهم أكثر مما قال قبل ذلك عن الفن.. وفي مساء الاثنين الماضي طالعتنا إحدى القنوات بصورته حليقا من جديد، ينظر ويفلسف حول تربية اللحية وحلقها، كما نشرت صحيفة «الرأي» أن المطرب حسين الأحمد يعلن عودته إلى الساحة الفنية «بكل قوة» بعد إعلان براءته من قضية الجهاد في أفغانستان أخيرا، وأنه سيقدم أغنيتين، ويشارك في مسلسل جديد!

كما كتبت من قبل أتفهم أن يعتزل مطرب الفن ويبحث عن ذاته في غيره، كما أتفهم أيضا أن يعود إلى ساحة الفن، وإلى الوسط الفني الذي وصفه بالمظلم الكريه، لكنني أستغرب درجة وسرعة التحولات التي يعيشها هذا الفنان، فهو يعيش حالة دوار تتسم بضبابية الرؤية، حتى لم يعد بمقدوره أن يعرف ماذا يفعل، وأين يجد ذاته، وكيف، فغدا أشبه بقطار سريع «رايح جاي» بلا توقف.

حسين الأحمد في تقديري يحتاج أن يحاط بأكبر قدر من العناية والإرشاد، فهذا الرجل الذي جمع بعض الملابس القديمة والأحذية ـ كما قال سابقا ـ بغية الذهاب بها إلى أفغانستان عبر إيران، واضطراره إلى المشي على الأقدام أربعة أيام من دون أكل ولا ماء بعد وصوله إلى إيران لإيصال حمولته القليلة من تلك الملابس البالية لمساعدة الفقراء والمحتاجين في أفغانستان، وبعد أن وصل ـ أو أوصل ـ في رحلة المتاعب هذه إلى جبل طيني لم يعرف إن كان في أفغانستان أو إيران أو أية دولة أخرى، وجد أناسا يعيشون بعيدا عن المدينة يزرعون الحشيش والمخدرات، فقرر العودة مجددا إلى الكويت.. فمن هو الشخص العاقل السوي الذي يصرف الكثير من الدنانير في رحلة العجائب هذه لإيصال خمسة أو ستة أثواب بالية، وثلاثة أو أربعة أزواج من الأحذية القديمة؟ إن شخصا بمثل هذه المواصفات يحتاج إلى الكثير من جلسات الإرشاد النفسي لاستعادة توازنه، وإلا فلا أحد يمكن أن يتنبأ بما سيفعله حسين الأحمد غدا!

[email protected]