الإعدام في المغرب ولبنان

TT

يبدو غريبا ان تكون الجهود موجهة نحو الغاء واحدة من اقدم العقوبات في العالم، الإعدام. ويبدو ان الحملة قد نجحت حيث ان الضغوط افلحت في الغائها في كل اوروبا، وجرى تعطيلها في 27 بلدا في آسيا، وعمليا لم تعد تنفذ بشكل شائع حتى في البلدان التي تعتمد العقوبة. فقط نحو تسعين في المائة من الإعدامات تنفذ في خمس دول في العالم، بينها الولايات المتحدة. ولاية تكساس وحدها وضعت على جدولها اعدام ستة مجرمين هذا الشهر، وستة آخرين محكومين في الشهر المقبل.

المغرب يقول انه في حالة تأمل، أي مراجعة الوضع، بحسب وزير العدل الذي لم يعد بالغاء العقوبة لكن تعهد بمراجعتها. والمغرب، مثل معظم الدول الأخرى، تحت ضغوط من المنظمات الحقوقية المختلفة بالغاء الإعدام. وفي لبنان، أيضا، الأمر بلغ مجلس الوزراء. لكنه وضع متناقض، ففي الوقت الذي تسكت فيه الحكومة على حمل السلاح يقدم وزير العدل مسودة قرار بالغاء عقوبة الإعدام واستبدالها بالسجن المؤبد، كما لو أن الجرائم الفردية هي الشغل الشاغل للدولة في وقت البلاد مكتظة بالسلاح والميلشيات.

وبغض النظر عن المبررات الداعية لالغاء العقوبة فان أكثر دول العالم، ومؤسساته القضائية، بالفعل تحاول تجنب الحكم بالإعدام مهما كانت بشاعة التهم، وبعد الحكم تفضل نسيان المحكومين في السجن على إعدامهم. ومع ان التيار الحقوقي العريض في انحاء العالم يدافع عن فكرة الغاء عقوبة الإعدام من زوايا متعددة ابرزها خشية الظلم، فان هناك في الوقت نفسه شعورا عاما يتمسك برأيه أن الإعدام عقوبة ضرورية لتحقيق العدالة لا العكس. فكثير من الجرائم ترتكب بلا اسباب قاهرة، بل تعبر عن روح اجرامية بشعة لا تبالي بقيمة الانسان، وتستهدف عادة اضعف الناس في المجتمع من أطفال ونساء. من وجهة المدافعين عن الغاء الإعدام يرون ان كثيرا من المحاكمات غير عادلة لنقص في امكانيات التحقيق، او ضعف قدرات الاجهزة القضائية، وان هناك مظلومين ارسلوا للمقاصل. ولا بد ان ذلك صحيح لكن اخطاء القضاء لا تبرر ترك عتاة المجرمين يفلتون من افعالهم البشعة التي يتم اثباتها في مناخ جنائي قضائي عادل.

ومع الاعتقاد بضرورة العقوبة عدلا وردعا وضمانا لأمن المجتمع فانه لا بد من القول ان العفو هو اعظم ما يمكن ان يمنحه الانسان راغبا ومتنازلا. فكثير من دوافع القتل تعبر عن جهل او شجار او فقدان للعقل وقليل منها تلك التي يرتكبها مجرمون يحترفون القتل ويرغبون فيه، ومثل هؤلاء لا بد ان يعلموا ان الإعدام بانتظار افعالهم والا من سيحمي المجتمع منهم؟

[email protected]