ماذا عن خطة الإنقاذ المالية الأميركية؟

TT

ماذا لو علم الأميركيون، بعد تصويت مجلس النواب، أن 3000 بنك سوف تفلس؟ هذا ما حدث خلال الأزمة المالية الأخيرة التي منيت بها الولايات المتحدة، وأزمة الائتمان التي نعاني منها في الوقت الحالي أكبر كثيرا من الانهيار الذي مني به القطاع المصرفي في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن الماضي. لقد تسبب الكساد في أضرار كبيرة لحقت باقتصادنا، وإذا كان مجلس النواب قد عجز عن اتخاذ الخطوات المناسبة، فإن التكلفة ستجعل من الـ700 مليار دولار شيئا بسيطا.

وُصف برنامج وزارة الخزانة لإنقاذ الأصول المضطربة بأنه «تجاوز للاشتراكية» و«خطة لإنقاذ القطط السمان في وول ستريت» وأنه «عقاب لكافة دافعي الضرائب على ما ارتكبه القليل». ولا تخدم تلك الأوصاف إلا المصالح الضيقة للسياسيين والنقاد الذين استخدموها.

النشاطات التجارية الأميركية: لا تستطيع النشاطات التجارية المتعثرة ومعها النشاطات التجارية القوية الحصول على رأس مال. كما لا يستطيع الصناع والمزارعون وأصحاب النشاطات التجارية الصغيرة، الذين يعتمدون على تمويل قصير الأجل لنقل السلع والموجودات، والاستثمار في معدات جديدة أو توفير أجور العاملين، الحصول على قروض. سوف تتفاقم المشكلة وستكون هناك حاجة إلى العامل معها في الوقت الذي تحاول فيه النشاطات التجارية الحصول إلى قروض تبلغ مليارات الدولارات نهاية العام الحالي. وستعقب ذلك عمليات تسريح للموظفين وعمليات إفلاس، مما يعني تراجع فاتورة الضرائب وزيادة العجز المتنامي. ولا تقف المشكلة عند هذا الحد، ففي ظل النظام المالي العالمي الحالي، يمكن أن يعبر رأس المال الحدود خلال ثوان بحثا عن ملاذ آمن، وسوف يختفي رأس المال التمويلي من النشاطات التجارية والبنوك في أوروبا والأسواق الصاعدة.

المستثمرون: تحمل الأزمة في طياتها الخوف وانعدام الثقة، ولم يعد بعض النظراء القائمين يتعاملون مع بعضهم بعضا، وهناك إقبال على التعاملات الآمنة. وسوف تتفاقم تلك الاتجاهات.

لو لم يكن هذا هو الوضع، لكنا جميعا نوافق على أن برنامج إنقاذ الأصول المضطرة غير فعال. وربما قد يكون غير كاف. ولكن تمرير البرنامج سيساعدنا على القيام بثلاثة أشياء هامة لإنعاش اقتصادنا من جديد.

أولا: استعادة السيولة: ستقوم هيئة تأمين الودائع الفيدرالية بزيادة مقدار التأمين على الودائع من 100.000 دولار إلى 250.000 دولار، وستساعد تلك الخطوة الدفاعية على منح البنوك حماية ضد عمليات سحب المال التي يقوم بها مودعون يشعرون بالخوف. وبطريقة تتسم بالحكمة، قام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بالفعل بزيادة السيولة عن طريق تسهيلات ائتمانية موسعة للمؤسسات المالية.

ثانيا: تعليق حساب القيمة العادلة، أو متطلبات التسعير وفق سعر السوق بالنسبة للأوراق المالية الطويلة الأمد، التي تقوم بتقليل كمية رأس المال التي يجب على البنوك إقراضها. وخلال فترات الإفراط في السوق، كان حساب القيمة العادلة، الذي استخدم في أعقاب أزمة «إس آند إل» يتسبب في تفاقم المشاكل التي كان من المفترض أن يصححها. ثمة خطأ كبير عندما تكون أكثر من 99 في المائة من قروض العقارات التجارية في وضع جيد، ومع ذلك لا توجد بنوك راغبة أو قادرة على إعادة تمويلها. كما سوف تكون قيم تلك القروض، إذا ما بيعت في السوق الحالية، نسبة بسيطة للغاية من قيمتها الاسمية.

ثالثا: إعادة رسملة القطاع المصرفي. ويجب أن يحدث ذلك قبل أن تبدأ البنوك في الإقراض مرة أخرى. وتحتاج البنوك إلى المساعدة في إزالة الأصول المضطربة من قوائم ميزانيتها قبل أن تبدأ عملية بيع لتنقية أرصدتها. وسيكون على القطاع الخاص المشاركة في إعادة العافية الى تلك الأصول. فالأوراق المالية محل النقاش عديدة ومعقدة ويصعب تسعيرها.

يجب على المشرعين مقارنة إنفاق 700 مليار دولار بالتكلفة الأكبر إذا لم يتخذ أي إجراء. وإذا ما تم التعامل مع برنامج إنقاذ الأصول المضطرة بالصورة المناسبة، فإنه سوف يساعد على إنقاذ كل بنس. ويجب على مجلس النواب عدم تفويت الفرصة للدفاع عن النظام المالي الأميركي الذي يتعرض للتهديد. وافقوا على هذا المقترح، حتى لو كان بعض الناخبين لا يدركون ما يتضمنه الكساد، فتبعات الفشل ستكون كبيرة.

* أسس الكاتب شركة «جي إي روبرت كوس»، وهي شركة عالمية تعمل في مجال الاستثمار العقاري، وخلال أزمة القروض والمدخرات، كانت الشركة أكبر متعهد مستقل يستحوذ ويدير ويبيع الأصول التي تتبع «شركة روزليوشن ترست».

*خدمة «واشنطن بوست» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)