«التمثيل» الدبلوماسي!

TT

وأخيرا تم الإعلان عن بداية عصر جديد للعلاقات البينية بين سورية ولبنان حين تقرر إطلاق التمثيل الدبلوماسي بينهما. وقد استقبل اللبنانيون الخبر وكأنه عيد استقلال، واصفين المناسبة بكلمات عجيبة «ولادة لبنان»، «الحرية»، «انقشاع الظلام» والى غير ذلك. واقع الأمر أن «التمثيل» الدبلوماسي قد لا يعدو إلا تمثيلا. أدوار وتقمص لزوم المرحلة الراهنة، لأن أرض الواقع تقول بأنباء غير ذلك، فهي تؤكد أن هناك نسبة هائلة من كافة أطياف الشعب اللبناني «مع» الوجود السوري، بل هناك من يطالب بضم البلدين في كيان موحد، ويصرح بذلك علانية مسؤولون بارزون في أحزاب معروفة. وما يسمح باستمرار الوضع المضطرب في لبنان مع سورية أو الوضع المضطرب للبنان مع نفسه، هو استمرار التخبط الدستوري الذي لا يزال يؤكد أن الحال البرلماني هو حال «مؤقت». فصياغة الدستور بشكل نهائي تحسم فيه مسألة المواطنة، بعيدا عن الطائفية وبغض النظر عن المناصب، تبقى قيد البحث والتحدي. فلبنان الذي كان يروج لنفسه لسنوات وعقود طويلة بأنه واحة الحرية والديمقراطية في العالم العربي تحول إلى رمز التطرف والانشقاق المذهبي والطائفي لهشاشة القوانين فيه، وتسلط الفرد والمال على حساب الدولة والنظام. والقارئ الموضوعي والمتابع للشأن السياسي في لبنان يرى أن العناوين منذ عشرين عاما لا تزال كما هي اليوم. نفس المشاكل ونفس الصعاب بدون الانتقال للحلول. مؤكد أن لبنان لا يزال أسير المراهقة السياسية بامتياز وبحاجة ماسة للانتقال إلى النضج والبلوغ والرشد السياسي وبسرعة. وعجبا لدولة تتغنى بأهمية أثر فرنسا تحديدا وأوروبا عموما على ثقافتها وسياستها وتقبل بأن تكون مرآة لثقافات التشدد والفرقة والعزلة. إنه أس التناقض بعينه ولا شك. «الحل» ليس وجود سفارة لسورية في لبنان، فهذا لن يلغي فكرة التدخل والتأثير لو رغب ووجه الفرقاء اللبنانيون في ذلك، فالذاكرة لا تزال حية وتذكر الكثيرين بدور «السفارة» المصرية في بيروت إبان الحقبة الناصرية والاغتيالات والأموال والحراك المشبوه الذي كان يحدث للتأثير على السياسة والاقتصاد والإعلام في لبنان. مشكلة لبنان الأكبر والأهم ليست مع سورية، بل هي مشكلة مع ذاته وعدم قدرة برلمانه على العمل على «نهاية» النظرة الطائفية بتكريس العمل المدني المؤسساتي المعتمد على قانون يطبق على الجميع لا مرجعية لطائفة ولا لمذهب فيه. وقتها فقط سيكون لبنان وطنا يسع الجميع، وحتى يكون ذلك سيبقى لبنان أشبه بمرآب جاهز لكل من له محاسيب وأنصار رغب أن تكون الأرض ومن عليها ملكا له.

مبروك عليكم السفارة «وخلونا نشوف» ما هي الخطوات التي تليها!

[email protected]