تحدي الاستقرار: أي مسؤولية للاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية

TT

أود في البداية أن أشكر منتدى يوروغولف على دعوته الكريمة لي للحديث أمام هذا الجمع المتميز، وأخص رئيس المنتدى جل كيبيل لجهوده الحثيثة في سبيل دعم تطوير وتعزيز العلاقات بين دول الخليج العربي والاتحاد الأوروبي، والشكر موصول أيضاً إلى مؤسسة جورجيو تشيني التي تشارك في تنظيم هذا المنتدى في هذه المدينة العريقة التي كانت رمزاً للتواصل التجاري بين الشرق والغرب، وأمينها العام السيد باسكويل قالياردي.

أتحدث إليكم باللغة الإنجليزية، لأنه نمى إلى علمي أن التقرير التالي ورد على موقع نادي ميلان لكرة القدم، وأقتبس منه: «برلسكوني يتعهد بأن تبقى الشركات الإيطالية بعيدة عن متناول أيادي الملاك الأجانب». ويقول البيان «وصلت إليه (برلسكوني) معلومات حول تدفق أموال من الصناديق السيادية، خاصة من تلك التي تخص الدول المنتجة للبترول. وأعلن رئيس الوزراء الإيطالي في بروكسل أن (لجنة) «كونسوب»، وهي اللجنة التي تنظم سوق الأوراق المالية في إيطاليا، ووزارة الخزانة تعملان على تغيير القواعد. وقال ريناتا بولفريني، السكرتير العام لاتحاد النقابات العمالية ان «الحكومة تعد مبادرات تشريعية لتعزيز القواعد وحماية شركاتنا». وقد أتى التحذير الأول من رئيس لجنة الـ«كونسوب» لامبرتو كارديا، ففي بيان للجنة المالية بمجلس الشيوخ، قال إن انهيار أسعار الأسهم قد تسبب في «مخاوف جديدة حيال عمليات الاستحواذ غير المرغوب فيها». وقال برلسكوني: «أولا، جاءتني معلومات من مصادر صحافية في البلاد العربية، وبعد ذلك حصلت على تأكيد من حكومة الدول المنتجة للبترول نفسها. وتمتلك الكثير من الشركات الإيطالية أسهما لا تتوافق أسعارها مع قيمتها على الإطلاق، ولذا فهناك فرص ممتازة لمن يرغبون في تقديم عروض عدائية».

هذا ليس كلام رجل سياسة يعمد إلى الخطابات الرنانة لكسب أنصار، ولكنه كلام رجل أعمال رأسمالي يميني، اختير بصورة ديمقراطية في بلد رأسمالي غربي، وهو ايضا كلام قيادي عمالي يساري، وكلام رئيس اللجنة المنظمة لسوق رأس المال، والمفترض أنه الرجل الذي يشرف على رعاية النظام الرأسمالي في هذا البلد.

وللأسف، فقد اجتمعنا هنا لمناقشة التعاون بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، ولكي نسعى لتوسيع هذا التعاون، في الوقت الذي يقوم فيه مسؤولون أوروبيون على أرض الواقع باستغلال مخاوف المواطنين والغرائز الدنيا لمنع هذا التعاون بصورة كلية. وقد جعلني هذا أتساءل، لماذا أنا هنا؟! وأنا متأكد أن هناك من أصدقائنا الأوروبيين من سيقولون لي إن برلسكوني لا يمثل رأي أغلبية الأوروبيين. وأرد بأنني لم أسمع رفضا لهذا الكلام من قبل أي من السياسيين الأوروبيين، وإلى أن يحدث ذلك، فسوف أظل مقتنعا بأن اليمين واليسار في أوروبا ينظران إلينا كتهديد.

نحن في مجلس التعاون الخليجي لن نرد بصورة مشابهة، فقياداتنا ليست تلك القيادات السياسية التي تسعى وراء مواقف شعبية سهلة من أجل دعم شعبيتها، أو تستغل مخاوف مواطنيها لإحراز مكاسب سياسية رخيصة. إن قياداتنا حكيمة وعاقلة، وهي تعرض تأسيس صداقة وتعاون حقيقي، وليس خصومة وخطابات رنانة. ولن تقول قياداتنا إنها سوف تسعى إلى الصداقة التي يرحب بها الجانب الآخر فقط. كما أن مجتمع الأعمال في بلادنا مجتمع حكيم وعاقل. وسوف يتخذ رجال هذا المجتمع مواقف بناء على ممارسات واعتبارات تجارية منضبطة. وبكل صراحة، فإنه بالنظر إلى مناخ العمل في الوقت الحالي، فسوف يتردد الكثيرون في استثمار أموالهم في أوروبا، لاسيما في ظل المناخ العدائي الذي يروج له برلسكوني والنقابات العمالية الإيطالية.

كما سمعنا خلال هذا المؤتمر، انه يجب على أوروبا توسيع أفق تعاونها، وأن تنظر إلى ما وراء البحر المتوسط، وقد أكد الوزراء والمصرفيون والأكاديميون على قيمة التعاون والترابط المشترك بين منطقتينا وأفريقيا وشمال وجنوب الصحراء، وفي هذا الصدد فإن لدينا الكثير الذي يمكن أن نشترك فيه معا.

إن مسألة الاستقرار في منطقة الخليج مسألة في غاية الأهمية ليس لدول منطقة الخليج أو إقليم الشرق الأوسط، بل هي مسألة دولية؛ لأن بقاء هذه المنطقة في حالة استقرار هو خدمة للسلام والأمن العالميين، وضمنه السلام والأمن الأوروبي، لما تحمله هذه المنطقة من أهمية استراتيجية واقتصادية ومالية. وهذه الأهمية التي تستدعي الحفاظ على استقرار المنطقة وأمنها هي، لسوء الطالع، السبب وراء بقائها عرضة لعدم الاستقرار؛ إذ شهدت ثلاث حروب كبرى خلال ربع قرن ما تزال بعض تداعياتها أمامنا. وآمل أن لا تكون الحرب الرابعة في الطريق لتزيد أسباب استمرار عدم استقراره وغموض مستقبله.

إن المتابع لأعمال الاجتماعات الوزارية الخليجية الأوروبية التي بلغت إلى الآن ثمانية عشر اجتماعا يلحظ أنها كانت مدركة لعوامل عدم الاستقرار في المنطقة، وفي الوقت نفسه تظهر بيانات هذه الاجتماعات توافق المجموعتين حول كيفية التعامل مع هذه العوامل. ولو ألقينا نظرة على بيان الاجتماع الوزاري الخليجي السابع عشر المنعقد بالرياض في 8 مايو2007 لوجدنا أن هناك تفاهما على كيفية معالجة القضايا الدولية والمسائل الإقليمية ذات الاهتمام المشترك بهدف دفع السلام والأمن والاستقرار بالمنطقة، وإن هناك رغبة مشتركة لدفع الحوار السياسي بين المجموعتين للوصول إلى حلول للتحديات التي تواجه شعوب المنطقتين، بما يتوافق مع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي. وقد حدد البيان تحديات عدم الاستقرار بالمنطقة: قضية الصراع العربي الإسرائيلي حيث جدد الطرفان موقفهما المشترك، بأن أي حل للنزاع العربي الإسرائيلي يجب أن لا يعترف بأي تغيير لحدود ما قبل عام 1967. كما رحب الجانبان بمبادرة السلام العربية، حسبما تم التأكيد عليها في القمة العربية التي عقدت بمدينة الرياض في 29 مارس 2007، والترحيب بجهود اللجنة الرباعية لتعزيز الحوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين في إطار العملية السلمية، بغرض إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة، تعيش بأمن وسلام مع جيرانها؛ والوضع في العراق إذ أعرب الطرفان عن عميق قلقهما بشأن خطورة الوضع في العراق، ودعوا إلى احترام وحدة وسيادة واستقلال وسلامة أراضيه. كما أدان الجانبان الإرهاب والعنف الطائفي في العراق، وشددا على أهمية المصالحة الوطنية كسبيل لإحلال الاستقرار والسلام؛ البرنامج النووي الإيراني حيث أعرب الجانبان عن قلقهما إزاء هذا البرنامج والتزامهما بالحل الدبلوماسي لهذه القضية. كما أكد الجانبان أن المجتمع الدولي يقف موحداً ومصمماً على احترام سلطة وكالة الطاقة الذرية ومجلس الأمن الدولي في هذه الأمور؛ النزاع حول الجزر الثلاث بين إيران والإمارات العربية المتحدة وقد أعرب الجانبان عن قلقهما حيال عدم إحراز تقدم بشأن حسم هذا النزاع، وجددا دعمهما لحل سياسي له وفق القانون الدولي من خلال المفاوضات الثنائية أو عبر محكمة العدل الدولية؛ الإرهاب، وقد جدد الطرفان إدانتهما القوية له بكل أشكاله ومظاهره مهما كان منبعه ومبرره، وتعهدا بمنع تمويل ودعم الإرهاب والتحريض عليه؛ انتشار أسلحة الدمار الشامل ووسائل إيصالها، وأكد الجانبان أن انتشار أسلحة الدمار الشامل ووسائل إيصالها، يمثلان أحد أخطر التهديدات للسلم والأمن الدوليين، وجددا العزم على تنفيذ التزاماتهما الدولية بهذا الخصوص؛ وأخيراً اتفق الطرفان على أنه يمكن بناء مستقبل أكثر استقرارا ورخاء، من خلال تعزيز قيم التسامح والاعتدال، وتعهدا بمواصلة العمل على بناء جسور مشتركة من التفاهم والاحترام بين الثقافات.

إنني لا أختلف مع هذا التشخيص لعوامل عدم الاستقرار في منطقة الخليج، ولكن الاتفاق حولها يحمل الطرفين مسؤوليات واضحة للقيام بها إذا ما أريد تعزيز الاستقرار في هذه المنطقة.

وهنا وقبل الحديث حول هذه المسؤوليات المشتركة للطرفين أود القول إنني أؤمن إيماناً عميقاً بأن مسؤولية الحفاظ على الأمن والاستقرار في هذه المنطقة المهمة تقع أولا وأخيرا على عاتق دول وشعوب هذه المنطقة، إذ إنها هي صاحبة المصلحة الأولى في تحقيق هذا الهدف الضروري. ولهذا فإن المسؤولية الأولى تقع على عاتق دول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها، إذ عليها أن تحقق وحدتها في جميع المجالات. وفي ظل مثل هذه التحديات تصبح وحدة دول وشعوب هذه المنطقة وتعزيز قوتها وإمكاناتها الدفاعية فرض واجب ومتطلبا أساسيا لمواجهة تحديات عدم الاستقرار. وبالإضافة إلى مسؤولية دول مجلس التعاون هناك مسؤولية أخرى تقع على عاتق دول الخليج الأخرى لا سيما إيران، إذ عليها أن تكون أكثر إيجابية بالتعامل مع قضية أمن الخليج باعتباره مصلحة وطنية لها ولشعبها وذلك باعتبار أن مسألة أمن هذه المنطقة مسألة جماعية وتحقيقه يقع على كافة أطرافة، وإن مسألة تملك السلاح النووي ليس ضمانة لتحقيق هذا الأمن والاستقرار بل هو مدعاة إلى الدخول في سباق تسلح ليس في مصلحة المنطقة أمنياً واقتصادياً، وفي الوقت نفسه مدعاة للتدخل الأجنبي الذي يرى أن مصلحته الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها لأهميتها له. كما أن تملكها لهذا السلاح لا يعني أن دول الخليج الأخرى سترفع يديها مستسلمة للهيمنة والنفوذ الإيراني. في هذا السياق تحضرني دعوة سمو وزير خارجية المملكة العربية السعودية الأمير سعود الفيصل، أمام منتدى الحوار الخليجي بالمنامة في عام 2004، لبناء نظام أمني جماعي لمنطقة الخليج يستوعب كافة دولها.

إن إقامة مثل هذا النظام ضرورة لتحقيق التنسيق والتعاون بين دول المنطقة في المجال الأمني. ولإشراك القوى الدولية المهمة في تحقيق هذا الهدف يمكن التفكير في إيجاد منظمة للأمن والتعاون في المنطقة تستوعب، بالإضافة إلى دول مجلس التعاون ودول الخليج والجزيرة العربية الأخرى، كلا من مصر وتركيا والباكستان والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والهند والصين. ويكون من مهام هذه المنظمة معالجة قضايا عدم الاستقرار في المنطقة.

ليس لدينا أوهام حول قدرات دول مجلس التعاون الخليجي على مواجهة كافة التحديات الأمنية بمفردها لا سيما أن هذه التحديات هي تحديات دولية، وما يصيب هذه المنطقة يؤثر على كافة دول العالم بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي؛ لذلك هناك مسؤولية مباشرة وغير مباشرة على دول الاتحاد الأوروبي في تعزيز قدرات دول مجلس التعاون الدفاعية والاقتصادية والعلمية والتقنية ودعم توجهاتها السلمية وتصوراتها وخياراتها لكيفية الحفاظ على استقرار هذه المنطقة. وفي هذا السياق ينبغي حسم أمر اتفاقية التجارة الحرة بين المجموعتين التي تراوح مكانها منذ فترة طويلة وإقرارها بأسرع ما يمكن. وهذه الاتفاقية في حال إقرارها والبدء بتنفيذها سوف تسهم بتكثيف العلاقات بين المجموعتين وبالتالي الإسهام في تعزيز الترابط بينهما في كافة المجالات مما يعطي دفعاً لعوامل الاستقرار الأخرى في المنطقة.

قد اتفق مع بعض القائلين بأنه لا ينبغي رهن العمل في سبيل إيجاد بيئة مستقرة في الخليج لتطورات الصراعات والنزاعات الأخرى في المنطقة وخصوصاً الصراع العربي الإسرائيلي؛ لكنني اعتقد بوجود تأثير مباشر وغير مباشر لهذا الصراع على منطقة الخليج. إن هذه المنطقة جزء من عالم أكبر هو العالم العربي تتأثر بما يجري به من أحداث بسبب التداخل الجغرافي والترابط الديني والقومي والتاريخي بين شعوب هذا العالم. وعليه فإن إيجاد حل عادل ومقبول لهذا الصراع من ضرورات إيجاد بيئة مستقرة تسمح بتطوير استراتيجيات بعيدة المدى للمحافظة على الأمن والاستقرار في الخليج. هنا لا ينبغي أن نغّيب بعض الحقائق التاريخية. إن بعض الدول الأوروبية كانت سبب رئيسي في إيجاد هذا الصراع. وهذه الحقائق تحمل الدول الأوروبية فرادى أو مجتمعة في الاتحاد الأوروبي مسؤولية خاصة في إيجاد حل عادل لهذا النزاع.

لا شك أن أوروبا اليوم غير هي بالأمس وما شهدته من تحولات فكرية وثقافية وتغّير بالقيم والمواقف خلال العقود الخمسة الماضية سمحت لها بالنظر إلى قضايا الماضي بطريقة مختلفة بما في ذلك الصراع العربي الإسرائيلي. والمواقف التي يتبناها الاتحاد الأوروبي نحو الصراع العربي الإسرائيلي والمبادرات المقترحة لحل هذا النزاع والجهود التي يبذلها لتحقيق السلام ودعم الإخوة الفلسطينيين مهمة ومقدرة؛ لكنها لم تصل بعد إلى أن تكون عاملا مهما في إقناع إسرائيل بالقبول بتحقيق السلام المنشود أو الضغط عليها للقبول بمبادرات السلام المطروحة عربياً ودولياً. وفي هذا السياق هناك حاجة لموقف أوروبي جماعي مستقل يجمع بين الدبلوماسية ووسائل الضغط الضرورية للدفع بعملية السلام قدماً، إذ بدون ذلك سيستمر النظر إلى السياسة الأوروبية تجاه هذا الصراع كسياسة مكملة لسياسات دول أخرى منحازة إلى إسرائيل وأن الاتحاد الأوربي في مجال السياسة الخارجية اتحاد بلا أنياب. وحيث أن دول مجلس التعاون تتبنى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية ومنفتحة على كل المبادرات التي سبق طرحها لإيجاد حل لهذا الصراع الممتد، فإن الدعم الأوروبي الملموس لهذه المبادرة ومحاولة إقناع إسرائيل بها ضروري لاختبار حقيقة النوايا الإسرائيلية والتصرف من جانب الدول الأوروبية بناءً على تلك النوايا.

وإذ تتفق المجموعتان الخليجية والأوروبية في موقفيهما من برنامج السلاح النووي في إيران وفي منع انتشار أسلحة الدمار الشامل ووسائل إيصالها واعتبارهما تهديداً للسلام والأمن الإقليمي فإن هناك مسؤولية أوروبية مباشرة في ذلك. إن البرنامج النووي الإسرائيلي وبرنامجها الصاروخي عامل من عوامل عدم الاستقرار في المنطقة، ولهذا يجب أن ينظر إلى هذا البرنامج بالمنظار نفسه الذي ينظر من خلاله إلى البرنامج النووي الإيراني والعمل على أن يخضع البرنامج الإسرائيلي للمعايير والقواعد الدولية. إن المعايير المزدوجة التي ينظر من خلالها إلى قضايا المنطقة لا تخدم عملية الاستقرار أبداً، ولذلك فلقد دعت دول مجلس التعاون للخليج العربي بأن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل. وهذه هي الخطوة الوحيدة التي ستضمن عدالة الموقف الدولي من قضية وجود الأسلحة النووية في منطقتنا.

دعوني الآن أذكر شيء عن تطورات التدهور المالي والاقتصادي خلال الأسابيع الماضية، إذ بينما كانت دول المجلس تنظر إلى الغرب، بصفه عامة، ولأوروبا، بصفة خاصة، على أنها مثال يحتذى في الشأن الاقتصادي، فإننا نجد أنفسنا في وضع صعب، ومراقبين لما يجري بتوجس وريبة وبنفس محبوس. إننا قد ندفع جميعاً ثمن تصرفات ليس لنا يد فيها، ولهذا على الجميع أن يشارك في وضع قواعد جديدة للاقتصاد العالمي تحمي الجميع من تداعيات هذه الأزمة وأية أزمات مماثلة. إن الخلل الحادث اليوم سيكون له انعكاسات وتداعيات استراتيجية قد تصيب بالضرر الأمن الاقتصادي المشترك للمجموعتين الأوروبية والخليجية. ولدول الخليج كل الحق بالمشاركة في الملتقيات الاقتصادية الدولية كشركاء فاعلين في وضع قواعد الاقتصاد الدولي الجديد، وليس كممولين فقط.

وأخيراً، إنني أنظر بتفاؤل إلى مستقبل العلاقات الأوروبية الخليجية لأهمية الإقليمين لبعضهما البعض، ولأهمية الروابط التي تجمعهما حالياً. ولكي تكون العلاقات بين الجماعتين علاقات تخدم الاستقرار في منطقة الخليج، فإنني أدعو إلى استمرار الحوارات بين الطرفين على المستويات الحكومية وغير الحكومية على أسس الاحترام المتبادل لمعالجة كافة الهواجس التي قد يحملها كل طرف حول سياسة الآخر الخارجية. إن استقرار منطقة الخليج الأمني والاقتصادي والمالي هو لصالح أوروبا، كما أن استقرار أوروبا الأمني والاقتصادي هو لصالح دول الخليج، وبالتالي فإن المسؤوليات مشتركة للحفاظ على أمن واستقرار الإقليمين، وعلى الطرفين التفكير ملياً في ما ينبغي عمله تجاه عوامل عدم الاستقرار المشار إليها.

*رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

* الكلمة التي ألقاها في منتدى يوروغولف أمام مؤتمر أوروبا والخليج والمتوسط بعنوان «إحياء الروابط المشتركة.. ورسم منطقتنا الجديدة»، الذي عقد في البندقية بإيطاليا في الفترة من 16 – 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2008