قلبنا عندك

TT

قرأت على نافذة الجار الكبير صباح الخميس أنه يلازم منزله منذ أشهر بسبب ألم شديد في ساقه. ومنذ أشهر ألاحظ أن ثمة ألما مكابرا ينضح من سطوره. وقد اعتدنا أنه لا يشكو ولذا لا بد أن يكون الألم أليما لكي يفعل.

وثمة ما آلمني أكثر من ذلك بكثير. إذ بموجب كتاب صادر عن دار نشر مصرية ويحمل اسمها وطابعها وتاريخ الإيداع في دار الكتب المصرية، ويباع في بيروت حيث يمكن شراء مثل هذه البضائع من مخدرات وأسلحة وعملات مزورة وما إلى ذلك. بموجب هذا المنشور فإن أنيس منصور، أحد أساتذة الجيل في مصر، موجود في جزيرة يونانية حيث انفجر يخت كان على متنه، فتبخر اليخت في بحر إيجه ونجا أصحابه وركابه، وبينهم «العجوز» أنيس منصور.

وهذه هي الصدفة الوحيدة مع الحقيقة لأن أنيس منصور عندما يتحدث عن أي قريب أو نسيب شاب يقول إنهم ينادونه «جدو». ولا بد لرجل وضع نحو 200 كتاب أن يصبح في عمر متقدم، أطال الله في عمره، وأشفق على المنافقين والكذابين والرغائين والسوقة.

عادة يتاجر المبتزون بالنفاق الكلامي. فلا رقيب ولا حسيب ولا حياء في بلاد العرب التي اعتادت أن تطبق القانون على علية القوم. لكن المطبوع الذي يخبرنا أن الانفجار لفظ كاتب مصر في جزر اليونان، لجأ أيضاً إلى الصور في التشهير بالناس. وبالألوان أيضا. وفي إحدى الصور يستقبل النائب سعد الحريري النائبة ستريدا جعجع، لكن كلام الصورة يقول إنه مع سوزان تميم. وأنيس منصور في اليونان. وبعض أشرف سيدات الأمة لهن صور رقاصات. من الأرجنتين.

وليس في الكتاب ما يعيب أحداً من الذين حشرت أسماؤهم فيه. لأنه مجموعة أكاذيب رخيصة تنفي نفسها بنفسها. لكنه بالتأكيد يعيب الناشر، إذا لم يكن اسمه مزورا. ويعيب جدا دار الكتب المصرية إذا كانت فعلا تقبل هذا النوع من الاهتراء. ويعيب الرقيب في كل بلد عربي يعتبر أن خطرا في كتاب فكري وضعه هيغل ولا يرى مشكلة في مطبوع يفجر اليخوت بأنيس منصور ويرسي حطامها على جزر اليونان.

وأشهر كتب أستاذ الجيل عنوانه «حول العالم في 200 يوم». وقد طاف بثقافته وعلومه حول اليابسة والمحيطات والأنهر والجزر. إلا هذه الجزيرة اليونانية التي تنفجر حولها اليخوت. فقد كان في مستشفيات باريس، يكتب كل يوم، للذين يليق بهم أن يقرأوا.