القاتل الحقيقي!

TT

الصورة التي هي في أذهان الجميع عن مستشفيات الصحة النفسية أنها البيئات الأكثر أمانا لنزلائها لما تتخذه من احتياطات وتدابير عالية في توفير السلامة لمرضى لا يتحمل بعضهم ـ بحكم المرض ـ مسؤولية سلوكياتهم، ولذا كان خبر قتل نزيل لآخر في أحد مستشفيات الصحة النفسية بالسعودية صادما لكل من قرأه، ومولدا للكثير من الأسئلة الحادة حول ما يجري في ذلك المستشفى، وكيف تسير الأمور داخله..

يقول الخبر الذي أوردته صحيفة سبق الإلكترونية: «جريمة القتل التي شهدتها المحافظة ـ الطائف ـ فجر اليوم وقعت في مستشفى الصحة النفسية الشهير بـ «شهار» حيث أقدم نزيل يعاني من مرض نفسي على قتل نزيل آخر منوم في المستشفى أيضاً، وذلك بعد أن قام القاتل بتسديد عدة طعنات في جسد القتيل من سكين كان يحملها»، وتضيف على لسان الناطق الإعلامي في شرطة الطائف تأكيده بأنه ورد بلاغ لغرفة عمليات الشرطة عن قيام نزيل بمستشفى الصحة النفسية بقتل نزيل آخر منوم في ذلك المستشفى وذلك بطعنه بسكين.. وفي تقديري أن القاتل ليس الذي انهال بسكينه على جسد الآخر، فهو قد لا يدرك ما يفعل، ولكن القاتل الحقيقي هو الذي تساهل فسمح بعلمه أو بغفلته بوصول هذه الأداة القاتلة إلى أيدي المرضى، فمن أبجديات العمل في مستشفيات الصحة النفسية أن لا يكون في متناول أيدي المرضى أية أدوات حادة معدنية أو زجاجية وغيرها، حتى أثاث تلك المستشفيات، وأدوات تناول الطعام، والشراب، ومحتويات الصالات ودورات المياه كلها يفترض أنها تخضع للكثير من اعتبارات السلامة. والمستشفى الذي وقعت فيه حادثة القتل هذه هو المستشفى الأول في السعودية في مجاله، وكان ـ حتى قبل سنوات ـ الوحيد المتخصص في العلاج النفسي، فكيف تسربت السكين رغم تراكم خبرات السنين إلى يد المريض القاتل؟!

وقد ارتبط هذا المستشفى في السابق بعدد من القضايا التي تناولتها الصحافة المحلية، وأثارت في حينها الكثير من الجدل الحاد حول مستوى الخدمات التي تقدم للمرضى داخل المستشفى، وكان من المأمول أن يشهد الكثير من التطور والتحديث والارتقاء بنوعية الخدمات التي يتم توفيرها، وفي مقدمتها الخدمات المتصلة بسلامة النزلاء وأمنهم، فمن المعروف أن للمستشفيات النفسية وضعا خاصا جدا عن غيرها من المستشفيات، فجل نزلائها في حالة مرضية لا تمكنهم من الشكوى فيما لو اختلت الخدمات المقدمة لهم أو تراجعت، وبالتالي فهؤلاء المرضى في ذمة الأصحاء، وفي مقدمتهم مفتشو وزارة الصحة الذين ينبغي أن يكون لهم حضورهم المكثف في تلك المستشفيات والتقييم المستمر لخدماتها ووسائل السلامة المتوفرة بها.

ولله الأمر.

[email protected]