الحلول الثلاثة للفلسطينيين

TT

لا يوجد حل مريح للفلسطينيين لإصلاح شأنهم الداخلي إلا أن يتخلى الزعماء عن أطماعهم في الزعامة. هذه حقيقة معروفة قديما، لكن المعضلة كيف يمكن إقناعهم جميعا إذا رأينا حماس سعيدة باستقلالها بغزة واستعدادها لبذل الغالي والرخيص للحفاظ عليها، والأمر ينطبق على الآخرين.

الحقيقة أن الرئيس الفلسطيني طرح مشروعا تفاوضيا يعطي فرصة لحكومة فلسطينية بلا أحزاب أو زعامات، حيث اقترح تشكيل حكومة تنكوقراطية، أي انها من وزراء أهل اختصاص لا سياسيين أو حزبيين. وبالتالي لا تصبح فتحاوية أو حماسية، يعيش خلالها الفلسطينيون في وحدة ووئام ويتفرغون لتحقيق أمرين مهمين: الأول تدبير أحوالهم اليومية، والثاني ترك الزعامات يعملون على تصميم مشروع سلام بينهم وكذلك مشروع سلام مع الإسرائيليين.

ولا أتصور أن الفكرة، إنها يفترض إن ترضي الجميع لأنها تحرم الجميع، ستمر بسهولة إلا فهمت حماس أن الطريق قصيرة في الوضع الذي هم فيه حاليا. لقد عاشت حماس حياة صعبة وحاولت كل السبل من اجل خلق وضع دائم لها على الأرض بما في ذلك مشروع سلام كريم جدا للإسرائيليين، باستثناء أنها سمته هدنة مدتها 18 عاما، تتنازل فيه عن القدس واللاجئين والحدود، مقابل أن يترك الإسرائيليون الفلسطينيين يتقاتلون في ما بينهم ويعيشون هم في سلام من دون تدخل. في الوقت الذي هادنت فيه إسرائيل جربت مشاغبة المصريين وجرهم الى مواجهة مع الفلسطينيين والإسرائيليين وكادت تلك المحاولة أن تتسبب في تغيير الخريطة لا الحكم في غزة فقط.

الآن، أمام حماس ثلاثة خيارات تعطيها شيئا أفضل من الحكم المعزول: إما أن تقبل بإجراء انتخابات متزامنة، الرئاسة مع البرلمان وترك الشعب الفلسطيني يقرر من يختار رئيسا ورئيس وزراء، وذلك في مطلع السنة الجديدة، أو القبول بحكومة تكنوقراطية تمثل في حقيقة الأمر تنازلا كبيرا من أبو مازن الذي سيعاني من إقصاء وزرائه السياسيين عنها، أو الحل الأخير تمديد رئاسة أبو مازن عاما آخر حتى يتوافق وقت انتخاب رئيس مع انتخابات المجلس التشريعي.

وعلى الأرجح أن أكثرية حماس تقبل بكل الحلول الثلاثة لو منحتهم قيادتها فرصة الاستفتاء، لكنها لن تقبل، أو في الحقيقة لا تستطيع، لأن قرار حماس ليس في يد لا هنية ولا خالد مشعل، ولا غيرهما من القيادات العليا، بل في دمشق وطهران. وستبيع هاتان العاصمتان قرار حماس في أول تنازلات يطلبها المفاوضون الأوروبيون أو غيرهم، لأن حماس عمليا أرخص ورقة مقارنة بلبنان أو المشروع النووي الإسرائيلي.

وسبق أن سمعت أحد المحسوبين على حماس يعترف بأنهم قلقون من المزاد العلني في الشام، ويتوقع أن يطلب منهم في أي لحظة الخروج الى أي مكان آخر بعيدا عن دمشق. وهو أمر لو حدث سيكون من صالح حماس لأنه سيعيد لها مفاتيحها، وسيسمح لها بأن تفاوض فعلا وفق برنامجها الذي دخلت من خلاله الانتخابات الفلسطينية في البداية، وبعدها خطف قرارها فصارت خطواتها لا تتناغم مع برنامجها. فهي الآن في هدنة مع إسرائيل، وحرب مع فتح، ومصالحة مع الإيرانيين وعداء مع المصريين والخليجيين.

[email protected]