سعوديون يواجهون تحدي الحوار في فندق بريطاني

TT

قبل أن أتحدث عن مواجهة السعوديين لهذا المأزق، الخميس الماضي، في العاصمة البريطانية، لندن، وبالتحديد في فندق «هيلتون بارك لين» الذي ثار في إحدى قاعاته نقاش وجدل بين سعوديين وبريطانيين لامس قضايا حساسة وشائكة، أشير إلى أن هذا الأمر سبق أن واجه الملك عبد الله بن عبد العزيز، أو بعبارة أدق واجهه الزعيم السعودي بجرأة، حشد له الناس من كل ملة ونحلة، واختار رابطة العالم الإسلامي لتنظيم مؤتمر في مدريد لحوار عالمي بين الحضارات وأتباع الديانات، غير مسبوق بهذا الحجم والزخم في الأدبيات السياسية السعودية، حتى أن مفكراً غربياً قال إنه لا يوازي سقوط جدار برلين في الأهمية إلا سقوط جدار من الهيبة، أسقطه الملك عبد الله في مؤتمر مدريد حين فتح الحوار على مصراعيه مع كل أحدٍ.

التقطت الإشارة الملكية نخبة من المثقفين السعوديين وراحوا، الخميس الماضي، يواجهون هذا الجانب الحواري الحضاري، وهم يعرفون أن الطريق طويل وشاق، والعقبات والمثبطات أكثر مشقة، فقد نظموا حدثا ثقافيا مهما في العاصمة الصاخبة، لندن، دشنوا فيه كتباً ودراساتٍ من تأليف نخبة من الأكاديميين السعوديين، وترجمت هذه الأعمال إلى عدة لغات، تناولوا فيها موضوعات كبرى عن الإسلام أو السعودية، والتي غالبا ما تكون التهم الموجهة إليها موجهة إلى الإسلام كالحديث عن القصاص والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقضايا المرأة التي تثيرها ـ ولا تزال ـ المؤسسات السياسية والفكرية والإعلامية ومنظمات حقوق الإنسان الدولية. وتزامنت مع الحدث ندوة حول الحوار بين الحضارات؛ الواقع والتحديات واستشراف المستقبل، شارك فيها شخصيتان بريطانيتان؛ أحدهما سياسي مخضرم وهو السير ألن جوردن مونرو، السفير البريطاني السابق لدى السعودية ورئيس الغرفة التجارية البريطانية ـ العربية في لندن، والبرفيسور رودني ويلسون أستاذ العلاقات الدولية في جامعة درم البريطانية، وشرفت شخصياً بالمشاركة في هذه الندوة بورقة حول التحديات التي تواجه هذا الحوار.

أما الهيئة التي نظمت حفل التدشين بالتعاون مع أندية الطلبة السعوديين المبتعثين في بريطانيا؛ فهي «مؤسسة غيناء للدراسات والإعلام» التي تأسست بعيد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001 كمؤسسة تعنى بقضايا الفكر والدراسات الإعلامية وتستهدف بالدرجة الأولى مخاطبة العالم الغربي بنخبه السياسية والثقافية والفكرية. ويشرف عليها الإعلامي السعودي المخضرم بدر كريم. ويرأس الفريق العلمي فيها البرفيسور والإعلامي النشط الدكتور محمد البشر، أستاذ الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض. ويشارك في إعداد هذا المشروع الفكري أكثر من 70 عالماً ومفكراً وسياسياً وإعلامياً ـ رجالاً ونساءً ـ من السعودية والولايات المتحدة واليابان وعدد من الدول الأوروبية. المشكل هنا أن الإعلام الغربي الذي يشكو مرَّ الشكوى من المتطرفين والإرهابيين في العالم الإسلامي ونشاطاتهم في العالم الغربي لا يأبه لهذه الجهود الوسطية المعتدلة مثل هذه الندوة التي نظمتها «مؤسسة غيناء» بلندن مع مشاركة طلابية سعودية فاعلة، والتي فتحت قولا وعملا أحد أبواب التواصل الحضاري المنفتح بانضباطٍ مع المجتمعات الغربية. ولو أن حركة «المهاجرون» في بريطانيا نظمت مؤتمراً عن مرئياتها حول برنامج الحكومة الإسلامية إذا سيطرت على 10 داونينغ ستريت! وكيف ستقيم حدَّ القتل على كل الشاذين في بريطانيا، كما أشرت في محاضرتي، أو لو أن أتباعَ أبي حمزة نظمُوا ندوة حول حتمية الجهاد في أوروبا، لرأيت أخبارهم وصورهم تتحدى في «مانشيتاتها» أحداث الأزمة المالية العالمية أو الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

[email protected]