عندما تنصحك إيران

TT

حذر وزير الخارجية الإيراني الدول الغربية من خطورة الحوار مع طالبان، قائلا «يجب على الغرب أن لا يفكر أن بإمكانه حصر التطرف في أفغانستان وباكستان وآسيا الوسطى»، وذكر بالمثل القائل إن من يزرع الريح يحصد العاصفة.

حسناً، دعونا من طالبان الآن، ألا ينطبق حديث متقي على إيران أيضا؟ فهناك من يقول إن الحوار مع إيران أمر خطر وغير مجد، فعلى ماذا سيتحاور الغرب مع طهران، وهو سؤال لا يمكن تجاهله.

فهل ستقوم إيران بالكف عن تصدير ثورتها عنوة في العالم العربي، وترضى بسحب سلاح حزب الله؟ وهل ستقوم طهران بمنع السلاح عن طالبان، خصوصا أنه قبل أيام فقط ذكر أحد مقاتلي طالبان أنهم يحصلون على السلاح من إيران؟ وهنا يجب أن نتذكر تصريحات إيرانية سابقة تقول إن طهران على استعداد للمساعدة في الملف الأفغاني؟

وهل ستكف إيران عن شق الصف الفلسطيني، وتوقف التدخل في العراق، والمساس بتركيبته وإقصاء أطراف على حساب أطراف أخرى هناك، وتمتنع عن التدخل أيضا في الشؤون الداخلية الخليجية؟ وهل ستكف إيران عن التشييع المالي الذي بات يكتسح العالم العربي من الخليج مرورا بمصر إلى دول المغرب.

هل بمقدور إيران أن تكف عن كل ما سبق؟ وقبل كل هذا، هل ستتوقف طهران عن مشروعها النووي الذي هو بالأساس خطر على دول المنطقة تحديدا أكثر من خطورته على إسرائيل وواهم من يعتقد خلاف هذا الأمر.

الأسئلة السابقة هي منطق معارضي الطموح الإيراني غير المشروع، وهم على حق، فلماذا إذاً تغضب إيران من ذلك المنطق الرافض لحوار الغرب معها طالما أنها تتعامل بنفس المنطق مع أفغانستان، وتطالب بعدم الحوار مع طالبان؟

أمر آخر يستحق التوقف عنده وهو عندما يحذر متقي من أن التطرف في أفغانستان وباكستان وآسيا الوسطى سيصل يوما ما إلى أوروبا والغرب، فكيف إذاً سيتم حصر التطرف في تلك المناطق طالما أن الحرب لا تجدي، والحوار خطر؟

ما هو المخرج إذاً، هل المطلوب أن يكون لإيران دور ما في افغانستان. يبدو أن هذا هو بيت القصيد. فحديث متقي دليل على قلق طهران من أي ترتيب في المياه الدافئة لا تكون لإيران يد فيه، ويد إيران لا تجلب إلا القلق، وهذا ما نراه يوميا في عالمنا العربي.

وكم هو غريب أن يبدي وزير خارجية إيران قلقه من حوار أفغاني داخلي، على الرغم من أن من ينادي إلى هذا الحوار هو الرئيس الأفغاني نفسه حميد كرزاي، فكيف تتدخل إيران في شأن أفغاني داخلي، وهي لم تتحمل مجلة دورية تصدر في القاهرة؟

إن ما تريده إيران هو هدوء في أفغانستان وباكستان يوافق مصالحها وليس ما يوافق مصالح تلك الدول، كما انها تبحث عن دور لها هناك مثل ما تفعل اليوم في العراق، ولبنان، وبين الفلسطينيين. فعندما تأتي النصيحة من إيران دائما تعوّد أن تقرأ ما بين السطور.

[email protected]