العرب والأوروبيون في البندقية

TT

أمام المنتدى الخليجي الأوروبي انتقد الامير تركي الفيصل السياسيين الايطاليين استغلالهم الأزمة المالية، بتخويف الشارع من ان العرب قادمون للاستيلاء على شركاتهم، متوعدين بأنهم سيعدلون القوانين حتى يمنعوا العرب من الهيمنة. والأنباء المزعومة عن أن العرب قادمون بنيت على إشاعات وأقوال إعلاميين. صارحهم الأمير بأن اللعب على عامل الخوف الكاذب وسيلة رديئة لكسب الشعبية، وجمع الاصوات الانتخابية. والمشكلة، كما قال، إن الطليان شاركوا في هذه الحفلة ضد العرب، من اقصى اليمين الرأسمالي الى أقصى اليسار الماركسي.

وانتقادات الأمير تركي جاءت في وقتها ومكانها، حيث كان اجتمع الاوروبيون والخليجيون لبحث التعاون، وفي البندقية، المكان الذي شهد تاريخيا ميلاد العلاقات العربية الاوروبية بالتجارة والثقافة. المناسبة كانت ناجحة شارك فيها بالفعل حضور كبير، وشهدت كل ندواته ازدحاما غير مألولف.

والبحث عن الأجانب كأكباش فداء في أي أزمة ليس جديدا إلا ان العرب هذه المرة هم ضحايا، ككل الذين سقطوا في ساحة الخسائر، لا يد لهم في ما حدث. حتى صديق العرب لم يتوان في استغلالهم، أعني رئيس الوزراء الذي لا يقهر، سيلفيو برلسكوني، بالتخويف منهم. وقد عرف بتقلباته، حيث انقلب تقريبا على كل مواقفه السابقة معلنا تبنيه تدخل الحكومة في السوق. ففي الوقت الذي ظهر المحللون عابسين بدا برلسكوني مرحا، وحتى يوهم الجميع بأن الأمور على خير تعمد ان يحظى بقسط من الراحة والتدليك في محل للمساج، بعلم الصحافيين، كما وصفته صحيفة «الفاينانشال تايمز»، ولم يتورع عن ان يهدي نصائحه لصغار المستثمرين «اشتروا من أسهم الشركات الكبيرة وخاصة تلك التي للحكومة فيها ملكية كبيرة».

ردت وكيلة وزارة الخارجية الايطالية على الأمير تركي بأن ما يقال في الصحافة لا يغير كثيرا على الأرض، فتغيير القوانين في ايطاليا يتطلب موافقة الحكومة والبرلمان، ولا بد ان تتماشى مع القوانين الاوروبية أيضا. وهذا صحيح أيضا، ولا أعتقد أن الرأسمالي برلسكوني، او حتى أكثر الطليان قومية، يريد بالفعل إغلاق السوق في وجه الاجانب، بمن فيهم العرب، لكن المشكلة انهم يريدون تبرئة أنفسهم وخلق رأي عام معاد مبني على إشاعات لا أساس لها من الصحة. وهي، حتى لو كانت صحيحة، أي عزم العرب على شراء شركات ايطالية، فإنها قانونية وحق يمارس في كل الاسواق المفتوحة. والعرب صورتهم سيئة بفعل الارهابيين واللاجئين غير الشرعيين، ولا تحتمل تشويهاً أكثر باسم المستثمرين العرب.

وفي ظني أن العرب الذين أوجعتهم الأزمة، كبقية شعوب العالم، لم يفيقوا بعد، ولم ينتهوا من حساب خسائرهم، حتى يسارعوا بالمغامرة في شراء أسهم في إيطاليا، اقل اقتصادات دول اوروبا استقرارا.

أيضا، في منتدى البندقية، سمعت طرحا مناقضا دار في ندوة الصناديق السيادية من أحد الاوروبيين المشاركين تحدث عن آماله أن تشارك دول الخليج في دعم الوضع المالي الأوروبي المتوسطي. فرد عليه احد المسؤولين الخليجيين مذكرا بأن اوروبا تعمدت فصل عرب الخليج عن عرب الاتحاد المتوسطي، وبالتالي استبعد ان يسارع الخليجيون لتقديم الدعم او التدخل. لم نعد ندري إنْ كان العرب مطلوبين للشراكة ام مطلوب منهم الابتعاد.

[email protected]