مرشح ماكين لمنصب نائب الرئيس

TT

لا عليك سارة بالين. فالسيناتور جون ماكين، لديه مرشح آخر لمنصب نائب الرئيس: الجنرال ديفيد بترايوس.

لم يذكر ماكين اسم بالين مرة واحدة أثناء مناظرته الأولى مع أوباما. ولكنه ذكر بترايوس سبع مرات. كان ماكين يستشهد بقائد القوات في العراق في خطاباته التي ألقاها في جميع أنحاء البلاد، في أوهايو وبنسلفانيا، وفرجينيا وفلوريدا. بل وكان يحمل السيرة الذاتية للجنرال. وكان يُعلم بالين، التي وصفت بترايوس في مناظرتها بـ«البطل الأميركي العظيم».

بالنسبة لماكين، يرمز بترايوس إلى التحول الذي حدث في العراق بفضل تعزيز القوات الذي أيده ماكين بقوة. وقد قال في مناظرة أكسفورد في ولاية ميسيسيبي: «شكرا لهذا الجنرال العظيم ديفيد بترايوس والجنود تحت قيادته، فقد نجحوا، وبفضلهم نحقق النصر في العراق»..

كما أن بترايوس هو الأداة القوية التي يستخدمها ماكين ضد أوباما، حيث يتهمه ماكين قائلا: «لم يذهب أوباما إلى العراق منذ 900 يوم، ولم يطلب مطلقا أن يجتمع بالجنرال بترايوس». وقال إن بترايوس يعتقد أن خطة الديمقراطيين لانسحاب قوات القتال الأميركية من العراق «خطيرة». ويقول بترايوس إن التقدم في العراق ما زال هشا، لذا «لا يمكننا أن نفعل ما يريد السيناتور أوباما منا فعله». ويقول الجنرال إن العراق هو الجبهة المركزية في الحرب على الإرهاب وليست أفغانستان، كما يعتقد أوباما.

متى كانت آخر مرة لعب فيها ضابط عسكري أميركي في الخدمة مثل هذا الدور الكبير في الانتخابات الرئاسية، حتى وإن كان بغير إرادته؟ ربما لا يكون هناك سابقة في العصر الحديث. فقد تقاعد كولن باول من الجيش عندما حاول مرشحو الرئاسة وقتها التودد إليه. وحاول روبرت تافت استغلال دوغلاس ماكآرثر في الحملة الانتخابية عام 1952، ولكن بعد أن أقال هاري ترومان ماكآرثر.

يستعد بترايوس لتولي أكبر منصب، رئيس القيادة المركزية الأميركية، ليكون مسؤولا عن منطقة الشرق الأدنى كاملة، وتشمل العراق وأفغانستان وباكستان وإيران وسورية ولبنان. وسيكون في قلب قرارات الإدارة الجديدة التي تتخذ بشأن إدارة الحربين، ناهيك عن التعامل مع التهديدات الخطيرة التي يشكلها الإرهاب وانتشار الأسلحة النووية. ولكن وجد بترايوس أحد المرشحين الذي يستخدمه من أجل إثبات قيمته، وإضعاف الثقة في خصمه، في منافسة لتحديد أي منهما سيكون القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي سيعمل الجنرال تحت قيادته.

لا يمكن استغلال كل هذا للسعي وراء مكسب سياسي. وبلا شك يشعر ماكين بوجود صلة بينه وبين بترايوس، فقد ضغط كلاهما من أجل تطبيق إستراتيجية إرسال خمس فرق إضافية إلى العراق في الوقت الذي كان فيه معظم المسؤولين في واشنطن والبنتاغون، معارضين لها. وقام ماكين بزيارة رفيعة المستوى إلى بغداد في بداية تعزيز القوات للتصديق على النتائج التي لم تكن مؤكدة في ذلك الوقت، ونالت منه السخرية بسبب سيره في أحد أسواق بغداد في حراسة أمنية مشددة. ومن الحقيقي أيضا أن علاقة أوباما وبترايوس ليست قوية. وفي المناظرة، أثنى أوباما على الجنرال وقال إنه «أبلى بلاء حسنا» في العراق. ولكن أثناء زيارته إلى بغداد في يوليو (تموز)، كان صريحا عندما قال إنه وبترايوس لم يتفقا حول انسحاب القوات. وسعى على التغلب على هذا الخلاف بالحيلة، حيث إن هناك فارقا بين ما يوصي به قائد في ساحة الحرب، ومسؤولية الرئيس في اتخاذ حكم أشمل: «إني آخذ بنصيحتهم، ولكن مع وضعها في إطار استراتيجي أكثر شمولا».

في الواقع، إذا تم انتخاب أوباما، ربما يكون ترويضه لبترايوس أهم اختبار مبكر لإدارته. على الرغم من أن التقدم الذي حدث في العراق قرب من فجوة خلافاتهم، إلا أن بترايوس ونائبه الجديد في بغداد الجنرال راي أوديرنو، سيقولان بالتأكيد للرئيس الجديد إن انسحاب قوات القتال الأميركية من العراق بمعدل فرقة في الشهر في العام المقبل ـ كما اقترح أوباما ـ أمر شديد المخاطرة.

هل يستمع أوباما إلى أكثر جنرال عسكري تلقيا للثناء منذ ماكآرثر، أو أنه سيفرض سيطرته عليه بوضوح؟ سيسعى بترايوس، وهو السياسي المحنك على طريقته، إلى تجنب المواجهة. ولكن إذا كان هناك إجماع في الرأي، فسيحتاج أوباما إلى التراجع عما قاله في الحملة الانتخابية.

المثير للسخرية هو أن ماكين دفع من أجل تعيين بترايوس في القيادة المركزية لتقييد الرئيس القادم. وكما ذكر بوب وودورد في كتابه الجديد: وقع ماكين تحت سيطرة الجنرال المتقاعد جاك كين، وهو مشارك من وراء الستار في خطة تعزيز القوات، وهو الذي قال إنه بمجرد «تولي (بترايوس) القيادة، ستصبح الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط حبيسة، بغض النظر عمن سيفوز في السباق الرئاسي عام 2008». من الممكن أن يساعد استخدام ماكين لبترايوس في فك هذا الحصار بنجاح، إذا أصبح الجنرال أداة في يد الجمهوريين. وقد أخبرني مستشارو أوباما أن رأيه في بترايوس لم يتأثر بوسائل حملة ماكين. ولكن في الحقيقة، فإن استخدام ماكين للجنرال بهذه الكثافة في حملته يضر بقائد سيحتاج الرئيس القادم إلى مهارته بشدة، وخاصة إذا كان أوباما.

* خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»