لماذا يسقطان

TT

كان الرقيب في النظام الاشتراكي، أو مجموعة الانظمة التي ادعت الاشتراكية، يتولى قتل كل شيء: الفكر والإبداع والمبادرة والفرد والأسئلة والأجوبة والفرح. ولذلك سقط النظام بالصدأ وأفلس بالجمود والوجوم. عمم الرغيف وكمم الأفواه. فرض المساواة وألغى الفرص والأمل والحق بالنجاح.

في الرأسمالية حدث العكس. غاب الرقيب الأخلاقي وترك الفجور يسيطر. غُيّب الرقيب الاقتصادي وسادت السرقات ونخر الفساد واحتقرت القيم وألغى الفرد حق الجماعة وداس على حقوقها وكرامتها، واستبد برغيفها، وطرد الرقيب من كل أبراج المراقبة: من برج الادب والصحافة والسينما والمسرح والمدارس والجامعات.

انهار النظامان كل لأسبابه. وكل بسبب وقاحته. وكلاهما بسبب غياب القيم الانسانية والمشاعر الإنسانية. وقد فشلت الرأسمالية في أميركا تماماً بقدر فشل الاشتراكية في كوريا الشمالية. في الاولى لأن المعبود المطلق هو الدولار وفي الثانية لأنه كيم ايل سونغ. ديكتاتورية النقد وديكتاتورية الفرد. العام 1963 كتب عبد الله القصيمي: الديكتاتور لا يريد وجود «حتى التاريخ. حتى الاموات لا يريد أن يوجدوا أن يذكروا أو أن ينسب اليهم خير. يكره الاشياء المرتفعة والرؤوس المرتفعة والعقول المرتفعة والاخلاق المرتفعة. ان انتصارات الديكتاتور وهزائمه مأخوذة من حسابات الجماهير. دعاياته الهائلة الباهظة ومظاهراته وصهيله ومؤامراته ومغامراته كل ذلك يدفع من حسابات المجتمع».

وفي الرأسمالية أيضاً تدفع الناس الثمن من حسابها. ما هي الحصة التي دفعها جورج بوش من 25 تريليون دولار؟ من ثم النصابون الذين سوف يحاسبون على شيء من الذي حدث؟ ان اخفاق النظامين سببه التطرف في أقصى الاتجاهين. سببه الغاء الشعور بالمسؤولية حيال الاكثرية البشرية التي قادتها «الاشتراكية» الى السجون والعبودية وقادتها الرأسمالية الى القمار في كازينو مفتوح ثم تعديل اسمه ولقبه وقواعد المغامرة فيه. مواطنان، واحد يسحق بالأمل الكاذب وواحد يسحق باليأس الوقح.