صباح المدن الجميلة

TT

لنشوء الأحياء العشوائية في السعودية على أطراف المدن الكثير من الأسباب منها:

ـ فشل البلديات في التصدي للاعتداءات على الأراضي الحكومية أو المملوكة للأفراد، وتعاطف البعض مع المعتدين على تلك الأراضي بمبررات واهية.

ـ كثافة العمالة الوافدة غير النظامية التي تجد في تلك العشوائيات ملاذات رخيصة آمنة.

ـ عدم قياس معدلات الهجرة الداخلية إلى المدن بغرض العمل، وبالتالي عدم تأمين مساكن لاحتواء هذه الهجرات، وترك مصائر الكثير منها لتلك العشوائيات.

ـ عدم مراعاة توزيع المشروعات الاقتصادية بين مختلف المناطق، الأمر الذي أدى إلى التكدس في بضع مدن تتوفر فيها أسباب الرزق.

ومع مرور الزمن غدت تلك الأحياء العشوائية المنسية مشاتل خصبة لتوليد الكثير من المشكلات، أو بعبارة أخرى غدت الصداع المزمن الذي لم تعد تجدي معه المسكنات نفعا.

في هذا الأسبوع أعلن الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة إطلاق مشروع معالجة وتطوير الأحياء العشوائية في منطقة مكة المكرمة (60 حيا في مكة المكرمة، 52 حيا في جدة، و10 أحياء في الطائف)، كما أعلن عن آلية التنفيذ.. وهذا يعني أننا أمام مشروع متكامل يشتمل على جوانب أمنية واجتماعية واقتصادية، كما يتضمن تصحيحا لأوضاع المقيمين في تلك الأحياء، ومنحهم إقامة نظامية تمكنهم من العمل، وهذا بدوره سيحد من الاستقدام. كما تضمن المشروع أيضا قيام القطاع الخاص بإنشاء ضواح متزامنة مع المشروع تتوفر فيها كامل الخدمات لتكون بديلة لتلك الأحياء العشوائية.

وأعتقد أن هذا المشروع جاء لينقذ هذه المدن الثلاث من الترهلات التي اعترت أطراف جسدها، حتى غدا الفارق بين منطقة وأخرى داخل المدينة الواحدة شديد التباين إلى درجة صادمة، وكأنك تنتقل من قارة إلى أخرى، ففي المدينة الواحدة ثمة أحياء تحتوي على ناطحات سحاب، وأخرى عشوائية أقرب في مبانيها إلى الأكواخ.. هذا المشروع الحضاري الطموح سيعيد إلى مدننا شخصياتها المميزة، وهوياتها المعمارية، وملامحها الاجتماعية التي أوشكت أن تختفي خلف فوضوية العشوائيات.

نعم لمثل هذه المشروعات الكبيرة، الشاملة، والمتكاملة، التي تتجاوز الحلول الجزئية، والموقوتة، والمسكنة، فغدا سنزهو بمدن جميلة تستحق ما بذل من أجلها من جهد ومال.

[email protected]