معنى أن تكون بيوتا

TT

تسمى دور النشر في الغرب «بيوت» النشر لأنها في الغالب تحمل أسماء عائلات محترمة وعريقة، لها سمعتها التي إذا تضررت، هوت المؤسسة برمتها، وقد اعتاد القارئ الغربي أن يشتري الكتاب استناداً إلى سمعة الناشر، أو إلى مدى ثقته به، وليس غالباً إلى سمعة الكاتب الذي قد يكون ناشئا ومجهولا.

إضافة إلى «بيوت» النشر هناك سمعة المكتبات. لا يمكن أن تدخل إلى مكتبة محترمة في لندن أو باريس أو مدريد، وترى على الرفوف كتاباً سوقياً، أو كتاباً لم يرعه ناشر محترم. وهذا هو الفرق بين المكتبة التي تذهب إليها برغبة واحترام، وبين الكتب التي تعرض على الأرصفة أو أمام دكاكين البزر وحلاوة الطحينة.

كثرت في المكتبات العربية في الآونة الأخيرة، كتب من نوع «يوميات امرأة في الخليج» (العنوان معدَّل تأدباً) أو «وثائق اغتيال فنانة». وهي كتب لها مؤلفون ولها ناشرون ذوو عناوين مألوفة ولها فوق ذلك مكتبات. وواضح من مثل هذه العناوين مستوى الكاتب والكتاب. لكن ماذا عن مستوى ـ ومسؤولية ـ الناشر والمكتبة.

تحمل هذه التوليفات السريعة ما تحمله سندويشات اللحوم المهترئة. كذلك بلا حدود وإهانات بلا حدود وشتائم واختلافات بلا حدود وتشهير بلا حدود ومحاولات ابتزاز بلا حدود ورخص فكري وأخلاقي بلا قعر.

ويرى الأشخاص المفترى عليهم أنهم أمام خيارين: إما أن يقاضوا هذا الرخص فيعطوا شهرة ولو سلبية للمرتكب، وإما أن يتجاهلوا هذه القباحات السائدة ويغامروا بترك شيء من رواسب الكذب في نفوس بسطاء القراءة. ثم أن أحدا لا يثق بالقانون العربي. فإذا حكم لصاحب السمعة قيل إنه خاضع للمال، وإذا حكم للزعران قيل إنه خائف وجبان.

والحل أننا في حاجة إلى قوانين يسنها أهل القانون لا رجال الشرطة. وأن تشمل هذه القوانين الناشر والمكتبة وأن تترك كل شيء آخر للأرصفة. أو ما دونها. وأنا شخصياً وعدت نفسي بألا أدخل إلى مكتبة ـ أو مكان ـ تبيعني كتب المحترمين ومطبوعات السوقة على رف واحد. ولن أمر قرب رصيف يبيع الافتراء والكذب واستباحة العقول والجيوب. بعض ما ينشر في العالم العربي، يسيء إلى الحرية أكثر من جميع دهاليز الشرطة.