هرم خوفو... صناعة مصرية

TT

قبل عام 1990، وبالتحديد يوم الثاني من أغسطس (آب) من هذا العام كنت ومعي علماء الآثار سواء المصريين أو الأجانب نتصدى لمزاعم اليهود في العالم كله وقولهم إن الأهرامات المصرية هي صناعة يهودية بناها أجدادهم، حتى أن مناحم بيجن نفسه وفي عام 1978، قال عبارته المشهورة: «إنه سعيد جداً بزيارة مصر ورؤية الأهرامات التي بناها أجداده». وكنت أفند آرائهم ومزاعمهم بالأدلة الأثرية التي تعطي تفاصيل واضحة عن الفترات الزمنية التي كان اليهود أثنائها يعيشون في مصر والتي تلي عصر بناء الأهرامات بأكثر من ألف عام. أما وبعد التاريخ الذي ذكرناه في مقدمة حديثنا فلم يعد هناك أدنى شك من قريب أو بعيد أن الهرم هو صناعة مصرية خالصة يجسد مدى التقدم العلمي الهائل للمصريين القدماء في شتى مجالات العلم، والسبب هو أنني وفي هذا التاريخ كشفت عن جبانة «العمال بناة الأهرامات»، وهي الجبانة التي تقع إلى الجنوب من هرم الملك «خوفو» أكبر هرم على وجه الأرض، وفي هذه الجبانة دفن المصريين من الفنانين ورؤساء العمل والعمال الذين بنوا الأهرامات، وكان دفنهم في ظلال هرم الملك «خوفو» أسمى تقديراً لهم على تفانيهم فيما كانوا يصنعون.

إن مزاعم اليهود لم تتوقف عند القول بأنهم سُخروا لبناء الأهرامات، بل خرج منهم البعض يروج إلى وجود مزامير داود في غرف سرية داخل هرم الملك «خوفو» وأسفل القدم اليمنى لأبو الهول، وكانت أبحاث قد أجريت باستخدام الرادار في المنطقة أمام أبو الهول وأسفل القدم اليمنى أسفرت عن عدم وجود أي أنفاق سرية أو غرف مخفية تحتوي على مزامير داود أو الكتب التي تركها سكان الأطلنتس المفقودة كما تقول جماعات الـNew Age . وعندما قامت هيئة الآثار المصرية في 1992، بتنظيف فتحات التهوية بحجرة الملكة عن طريق روبوت (إنسان آلي) صغير يحمل كاميرا دقيقة كشف في الفتحة الجنوبية (حوالي 20×20 سم) عن وجود باب صغير بمقبضين من النحاس يغلق الممر الضيق الذي كنا نطلق عليه «ممر التهوية» بعد هذا الكشف أذاع اليهود في كل أنحاء العالم أن هذا الباب يخفي ورائه مزامير داود وكتب اليهود المقدسة، وللأسف بدأ البعض ينساق لدعايتهم حباً في معرفة الأسرار وحل الألغاز؛ لذلك كان حلمي هو أن تقوم بعثة مصرية خالصة بعمل أول استكشاف علمي للفتحتين الشمالية والجنوبية بحجرة الملكة، وكان الأمر يتطلب تصنيع روبوت متناهي الدقة يكون له القدرة على المناورة داخل هذا الممر الضيق وكذلك عمل فتحة دقيقة لا تتعدى المليمترات لإدخال كاميرا وتصوير ما خلف الباب السري للهرم، وقد استطعنا عمل ذلك في 2005 وكنت مصراً على أن يكون هذا العمل مذاعاً على الهواء مباشرة إلى العالم كله في رسالة واضحة أننا لا نخفي شيئاً وأنه لا يوجد أي دليل على مزاعم سواء اليهود أو غيرهم من الحالمين بوجود الأطلنتس المفقودة.

لقد كان لإذاعة هذا العمل على الهواء مباشرة إلى العالم كله مردوده الكبير في زيادة وعي الناس وإظهار الحقائق لهم وكذلك رؤية مدى عظمة الفراعنة الذين وصلوا في علوم الهندسة وفنون البناء إلى أرقى المراتب وهذا ما أظهرته رحلة الإنسان الآلي الصغير والتي أطلقنا عليها «رحلة القرن»، حيث لأول مرة كان يمكننا رؤية الجسم الداخلي للهرم وكيف تم وضع حجارته بمنتهى الدقة والبراعة. وكانت المفاجأة وجود سدة حجرية خلف باب ممر التهوية الجنوبي، وباب حجري صغير بمقبضين أيضاً من النحاس وذلك في ممر التهوية الشمالي. وقريباً سنقوم برحلة أخرى إلى داخل الهرم لمعرفة سر هذه الأبواب. 

www.guardians.net/hawass