واصلبوني على سواد الضفائر!

TT

كنت على خلاف سياسي مع الشاعر الكبير نزار قباني.. وقد حاول الموسيقار عبد الوهاب أن يصلح ما بيننا وكذلك حاول المفكر د. سعد الدين إبراهيم. ولكني رفضت فقد شتم مصر رجالا ونساء وفوجئت به في مصر. وفوجئت بحفاوة الإذاعة والصحف كأنه ما شتم الكاتب القارئ في هذا البلد..

وحكيت قصة الشاعر الألماني هينه الذي فوجئ هو الآخر بحفاوة الألمان بمن أهانهم ومسح بهم الأرض فقال: إن شعبنا مثل الكلاب تقبل أقدام الغرباء!

ولم أكف عن الهجوم عليه حتى ترك مصر إلى غرفة الأياس في أمريكا..

ولكن لم أختلف على شاعريته ورقته وجمال شعره وما تركه من أثر في قلوب الشباب والشعراء أيضاً..

وكان نزار قباني مثل «طائر الشوك» الذي عندما اقتربت نهايته راح يبحث عن شجرة بها شوك واختار أطول أشواكها وألقى بنفسه عليها فتمزق قلبه وصرخ أجمل ألحان الوداع.

فكانت قصيدته الرائعة التي بكى فيها وأبكى.. أبكانا على أنفسنا وما صار إليه حالنا نحن العرب في السياسة وفي غيرها. قال:

أنزف الشعر منذ خمسين عاماً

ليس سهلا أن يصبح المرء شاعر

هذه مهنة المجانين في الأرض

وطعم الجنون طعم باهر

أنزف العشق والنساء بصمت

هل لهذا الحزن الدمشقي آخر؟

لست أشكو قصيدة ذبحتني

قدري أن أموت فوق الدفاتر

بي شيء من عزة المتنبي

وبقايا من نار مجنون عامر

لم يكن دائماً فراشي حريراً

فلكم نمت فوق الخناجر

فخذوا شهرتي التي أرهقتني

والإذاعات كلها.. والمنابر

وامنحوني صدراً أنام عليه

واصلبوني على سواد الضفائر!