ماذا يعني القبض على ألف إرهابي؟

TT

لن يجد الادعاء العام السعودي صعوبة في إثبات الجرائم المنسوبة لنحو ألف من المعتقلين في خلايا إرهابية لسبب واحد بسيط، أن أكثرهم لم ينكر انتماءه لتنظيم «القاعدة» الارهابي، ويصر عليه حتى بعد اعتقاله. هذا الرقم القياسي العالمي من الارهابيين ينطق بحجم الكارثة التي اصابت المجتمع المسلم، لا السعودية وحدها، حيث ان نسبة منهم من جنسيات مختلفة، ويمثلون امتدادا للتنظيم الفكري الخطير الذي طافت جرائمه الكرة الأرضية. فكيف نفسر القبض على ألف إرهابي، ولماذا السعودية، خارج التفسير الجنائي او القضائي؟

يقول الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية إن الرقم يعني «أن السعودية تعرضت في الأعوام الأخيرة لحملة إرهابية منظمة». استنتاج مقلق يوصلنا ايضا إلى نتائج متعددة، انه كان ولا يزال على الأرجح، يوجد مخطط كبير يضع السعودية في مقدمة الاهداف التي خطط لها التنظيم. وبناءً على تصريحه، يمكن ان نقول انه لا توجد حملة بدون مخطط، ولا يوجد مخطط بلا طرف اساسي فاعل، وربما اطراف خلفها. ومن المستبعد ان يكشف المتهمون عن كل القصة لأنهم انفسهم لا يعرفونها. فهم جميعاً، على الأرجح، مجرد «حمير ناقلة» كما يطلق على افراد عصابات المخدرات الذين ينقلونها من دون ان يعلموا شيئاً اكثر من العنوان المطلوب ارسالها اليه.

العناوين التي استهدفتها الجرائم الارهابية بشكل منظم معروفة، ففي منطقتنا ضربت دولا مثل السعودية، ومصر، والمغرب، والأردن، وحديثاً اليمن. اما العناوين التي لم تستهدفها هذه الجرائم فهي قليلة، مثل اسرائيل وايران. ولا يمكن ان يكون هذا الاستثناء الغريب من قبيل الصدفة. نشط التنظيم بشكل مكثف لأكثر من خمس سنوات، وبنى جيشاً من آلاف الشباب للعمل كارهابيين يحملون متفجرات عبروا بها القارات، ومع هذا تجنبوا استهداف هذين البلدين. وهذه الملاحظة التي تكرر الحديث عنها في الإعلام لا تعني اننا نتمنى ان يضرب الارهاب ايران، ولا حتى اسرائيل، لأن الارهاب ليس من صنف المقاومة الوطنية. الدكتور ايمن الظواهري، القائد الفعلي لنشاطات «القاعدة»، اجاب في مؤتمره الصحفي الالكتروني عندما تكاثرت الاسئلة عليه، لماذا لا نرى عمليات «القاعدة» في ايران وإسرائيل؟ لم يجب بشأن ايران، لكنه اعترف بأنهم تجاهلوا اسرائيل زاعما انهم منشغلون بالعراق. وهي اجابة غير مقنعة لأن معارك «القاعدة» في العراق لم تله التنظيم عن استهداف اليمن والسعودية والمغرب وغيرها.

ونحن لا نريد ان نقفز الى الادعاء بأن هذا يعني ارتباط «القاعدة» بايران، او خوفها من اسرائيل، لكن المنطق يفرض علينا ان نرى ما هو أبعد من البيانات البلاغية لـ«القاعدة»، ونرسم خريطة حركتها، ونصل الى الاستنتاجات المنطقية بعد خمس سنوات دامية، وآلاف الشباب المتورطين، وعشرات الآلاف من الضحايا الابرياء.

[email protected]