التطور المهم في إعلان بيريس

TT

سبق إعلان الرئيس الاسرائيلي شيمعون بيريس قبول بلاده بمشروع السلام العربي أنباء عن جدل اسرائيلي داخلي تراجعوا فيه عن موقفهم الرافض سبع سنوات متواصلة.

البداية عندما ظهرت ملامح المشروع الأول في مقال للكاتب الاميركي توماس فريدمان بعد أن قابل العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز وسأله عن دور السعودية فقال له إن هناك خطة سلام في درج مكتبه وسيعلن عنها كمبادرة في وقت لاحق. ولم ينتظر مكتب رئيس الوزراء حينها أريل شارون قراءة التفاصيل لاحقا حيث قال إنها لا تعنينا ولن تناسب رؤيتنا للسلام. وكانت المفاجأة ان المشروع أكبر من كل التوقعات.

وجاء موقف اسرائيل متعجلا ومتعجرفا، وربما محسوبا، هدفه وأد المشروع في مهده. وحتى لا يكون مشروع السلام الكبير دعاية سياسية سعودية تنازلت السعودية فوضعته في قمة بيروت العربية على طاولة القادة العرب ليقرروا ويعلن كمشروع عربي. ووافقوا عليه بالاجماع في واحدة من الحالات النادرة في تاريخ النشاط السياسي العربي، وكانت المرة اليتيمة التي أخذ فيها العرب زمام المبادرة بدل انتظار الأفكار تأتي عبر المطار قادمة من واشنطن أو باريس أو أوسلو أو موسكو لحل النزاع القديم. واكتسب المشروع أهميته بعد ان وافقت كل الدول الاسلامية في مؤتمرها اللاحق، وبالتالي صارت هناك اكثر من 47 دولة عربية وإسلامية اعتبرته مشروعها.

لكن، بكل أسف، وقف المشروع مكانه، رغم ان الجامعة أكدت عليه في كل قممها لاحقا، والسبب ان الاسرائيليين رفضوا حتى فتح الحديث عنه، كما ان الحكومة الاميركية التي امتدحته رفضت تبني المشروع وسارت في خطة بديلة متواضعة عرفت بخارطة الطريق لم تحقق أي نتيجة على الأرض.

وأهمية مبادرة السلام العربية أنها الوحيدة التي تحظى بالاجماع العربي والاسلامي، والإجماع منح الشرعية من كل الاطراف بما فيها الرافضة تقليديا لمشاريع السلام السابقة، مثل ايران وسورية. وأهميتها الشمولية لأنها الوحيدة التي تجمع الحقوق في سلة واحدة وتساوم عليها مقابل السلام. جمعت المطالب السورية واللبنانية والفلسطينية واللاجئين في نفس الورقة بخلاف كامب ديفيد واوسلو وخارطة الطريق التي كانت تجرب حل النزاع مفككا. والجانب الثالث المهم انها تضع النزاع على كل الخريطة وكل القضايا ونقل المسؤولية على كاهل كل الدول العربية فتكون طرفا في التفاوض لا دول المواجهة وحدها، وهذه كانت أزمة المفاوض الفلسطيني وكذلك السوري حديثا.

ولا يمكن ان ننسى شقا مهما في المبادرة وهو أنها قدمت منذ اليوم الأول علنية، لا سرية، وقرأت على الرأي العام العربي تفاصيلها، وبالتالي هذا يطمئن المشككين في الحلول من انها تخبئ التزامات سرية غير شعبية. السر العظيم في المبادرة مكشوف للجميع ومعلن وهو أن جميع الدول العربية ملزمة بالسلام مع اسرائيل اذا قبلت اسرائيل بالمبادرة ونفذتها.

نحن لا نحلم بالسلام بمجرد الموافقة الاسرائيلية على المبادرة العربية لأن الطريق كالعادة شائك وهناك اطراف في اسرائيل والمنطقة لا تريد السلام وستسعى لإفشال المشروع، إنما ما يدعو للتفاؤل ان المشروع يحظى بالتأييد المسبق بدون ان يعني ذلك ان العام المقبل سيمر بلا منغصات.

[email protected]