ماكين في السوق المتدهورة

TT

في الوقت الذي كان فيه مدير بالتيمور الأوريولز ـ وهو إيرل ويفر، الذي كان شخصا قصيرا سريع الغضب له صفات مثل صفات نابليون ـ يصرخ عندما يصاب بالقلق ـ وكثيرا ما كان يفعل ـ في وجه حكم يفصل في أحد النزاعات ويقول: «هل ستجعل الأمر يتحسن، أم أنه سيظل هكذا؟»، فإنه مع بقاء مناظرة واحدة فقط لحسن الحظ، ينطبق هذا السؤال على حملة ماكين.

في الأيام الأخيرة لسعيه وراء الرئاسة الذي استمر لعشرة أعوام، يجد ماكين مرارة لرؤية باراك أوباما يفوز في أول حملة جادة يخوضها أمام مرشح جمهوري. وقبل المناظرة الخالية من الأحداث المهمة، أشعل الحقد ما قد يكون الحجة الختامية لحملة ماكين ـ بالين. وهي الحجة التي تدور حول فكرة أن أوباما شخص سيئ، أكثر من كونه شخصا لديه أفكار سيئة. ويظهر ذلك ـ كما يقول ماكين ومرشحته بالين ـ في الصداقات السيئة التي أقامها أوباما في شيكاغو، مثل صداقته بويليام ايرز، الإرهابي غير النادم. ولكن جاءت اتهامات ماكين ـ بالين في الوقت الذي كانت فيه حملة أوباما تستفيد من الرسائل الغزيرة التي لم ينفقوا عليها، حيث يفتح عدة ملايين من الشعب الأميركي رسائلهم بحذر الآن ليجدوها تحتوي على تقارير عن الخسائر ربع السنوية في حسابات معاشاتهم في خطة 401(k) وخطط أخرى، لتطلع كل أسرة على نصيبها من الخسارة التي منيت بها الحسابات الأميركية والتي تصل إلى تريليوني دولار. في هذا الموقف، تبدو محاولة ماكين ـ بالين لجذب تركيز الأميركيين على صداقات أوباما في شيكاغو غير منطقية.

بعد خوض انتخابات الكونغرس السارة عام 2006، كان الديمقراطيون يتطلعون بحماس إلى أن يقدم لهم عام 2008 انتخابات ثانية تكون فيها الفوضى في العراق محور تركيز الناخبين. اليوم، يشعر الديمقراطيون بالسعادة لأن هذا لم يحدث. وأحد أسباب تراجع السياسة الخارجية في أولويات تفكير الناخبين هو نجاح تعزيز القوات الذي ينسب الكثير من الفضل فيه إلى ماكين، وبهذا تضاءل حجم الموضوع الذي يتفوق فيه موقف ماكين على أوباما.

في المناظرة، قال ماكين بحثا عن مخرج من المأزق الاقتصادي، إن خطة الإنقاذ ـ التي تتكلف 700 مليار دولار، أو ربما 800 مليار دولار أو أكثر، فقد فقدنا أثر هذا المبلغ الذي يزداد بسرعة ـ صغيرة للغاية. ويقترح دفع عدة مئات من المليارات الأخرى من أجل خطته لإعادة ملكية المنازل إلى أصحابها المتعثرين في السداد. ولكن، ربما يكون هذا حذرا سياسيا يتبعه ماكين بالمخاطرة وإلقاء المليارات في الهواء. وينافس أوباما بقوة في العديد من الولايات التي فاز فيها الرئيس بوش عام 2004، ومن بينها فلوريدا وكارولاينا الشمالية وفيرجينيا وأوهايو وإنديانا وأيوا وكولورادو ونيومكسيكو، وليس غريبا أن نفكر في إمكانية فوزه بـ350 صوتا من 538 صوتا انتخابيا.

إذا بدا هذا مذهلا، فالسبب هو أن انتخابات عامي 2000 و2004 كان الفوز فيهما بعدد 271 و286 صوتا على التوالي. وفي 25 انتخابا أجري منذ عام 1900 إلى عام 1996، كان الفائزون يحصلون على 402,6 صوت في المتوسط. وكان هذا، على الرغم من أن انتخابات عامي 1900 و1904 كان عدد الأصوات الانتخابية فيهما 447 و476 على التوالي، قبل أن تصبح أريزونا ونيومكسيكو وأوكلاهوما ولايات، وقبل أن تتحدد مقاعد مجلس النواب بـ435 مقعدا عام 1911. وكان عدد الأصوات في 12 انتخابا أجريت من عام 1912 إلى عام 1956، قبل انضمام ولايات ألاسكا وهاواي، هو 531 صوتا فقط. وفاز الرئيس هاري ترومان بـ303 أصوات عام 1948 على الرغم من أن مرشح حزب الديكسيكرات ستورم ثورموند حصل على 396 صوتا كانوا سيذهبون إلى ترومان.

وفي عام 1987، عشية الفوز الثالث الذي حققته رئيسة الوزراء مارغريت تاتشر، قال رئيس حزبها المحافظ لكاتب عمود زائر: «يوما ما سيفوز حزب العمال في الانتخابات. ومهمتنا هي أن نتماسك حتى يصبحوا راشدين». كان من الأفضل للجمهوريين، الذين فازوا في سبعة من بين عشرة انتخابات رئاسية ماضية، أن يأملوا في البقاء لمدة أطول من ذلك.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ

(خاص بـ«الشرق الأوسط»)