لكل ساعة ساعتها

TT

اعتاد المسؤولون على إهداء الساعات لضيوفهم، ولكل حسب منزلته ومنفعته لهم. ولم يعد الضيوف يعرفون ما يفعلون بها بعد أن تكدست في جيوبهم ودواليبهم. ترتبت على ذلك شتى الحكايات والطرائف. جلس أحد الصحافيين يستمع لأحد الوزراء وطالت الجلسة حتى أوشك الوزير على نهاية حديثه دون أن يتسلم المراسل الهدية المعهودة. أخذ يتمتم بشفتيه فلاحظ الوزير ذلك فسأله: أراك تتمتم بشيء، هل لك سؤال آخر أو تعليق في ذهنك؟ فأجابه: كلا يا طويل العمر، كنت فقط أردد شيئا من الذكر الحكيم. فقال له الشيخ: جميل. واش كنت تقرا؟ فقال: كنت أردد مع نفسي: وإن الساعة آتية لا ريب فيها. فنادى الوزير على كاتبه: يا ولد هات الساعة للأستاذ.

والتقى صحافي آخر بأحد المسؤولين الذي راح يشرح له كيف أنه قضى ساعة ونصفا يحاول إقناع ياسر عرفات بالسياسة الجديدة فقال له الصحافي: بلاش النصف. هات لنا الساعة وخليني أمشي.

وقالوا إن سليم اللوزي تضايق من طول الانتظار لمقابلة أحد الحكام. أعرب عن تذمره للسكرتير فقال له: روح تفسّح وتفرّج على المدينة ساعة ساعتين وارجع. فقال له: هو شو بلدكم يعني باريس حتى أتفسح فيه ساعتين؟

وذكروا لي أن الرئيس العراقي الراحل عبد السلام عارف، زار أحد مشايخ الدين وراح يحاوره بشؤون الإيمان والعبادة والدنيا والآخرة، وخطر له فسأله: شيخنا ما أفضل الساعات في العبادة؟ فأجابه الشيخ: لونجين! لونجين! ماكو ساعة تعلو عليها.

بيد أن من أطرف ما سمعته في صدد الساعات كان حكاية الصحافية بربارة سمث. عادت من منطقتنا محملة بساعة ثمينة هدية لها. سرعان ما اكتشفت أن هذه الساعة غير مضبوطة. فرمتها في الدولاب وعادت لاستعمال ساعتها القديمة. كانت عندها خادمة كثيرا ما تأخرت عن عملها. اعتذرت بأنها لا تملك ساعة تذكرها بالوقت. فأعطتها الزميلة بربارة تلك الساعة وقالت لها: صلحيها وخذيها لك. بعد سويعات قليلة تلقت بربارة نداء تلفونيا من المصلح وضابط شرطة. قال لها: معنا هذه الساعة التي جاءت بها هذه الخادمة لتصليحها. تقول إنك اعطيتها لها. أهذا صحيح؟ قالت: نعم . قال أتعرفين يا سيدتي ثمن هذه الساعة؟ إنها مزوقة بأغلى الماسات والجواهر؟

قالت له: لم أكن أعرف ذلك، لقد أهداها لي أحد الحكام العرب، لا أعرف شيئا عن ثمنها. قال لها: لا يقل ثمنها عن عشرين ألف جنيه، وتعطينها لهذه الخادمة الشغالة؟ قالت: ولكنها ساعة غير دقيقة ولا تضبط الوقت. قال: يا سيدتي الفاضلة.. من تلبس مثل هذه الساعة الوقت لا يعني شيئا بالنسبة لها.

سألتني الصحافية البارزة تستشيرني في الأمر. قالت: ما العمل؟ عيب علي أن أطالب الخادمة بإعادة هدية أعطيتها اياها. نصحتها بأن تشتري لها ساعة جيدة بسيطة وتقول لها هذه ساعة أدق في ضبط الوقت لمن تعمل بالساعات.

www.kishtainiat.blogspot.com