جيوش الحرية الإيرانية

TT

صرح نائب قائد ميليشيا الباسيج الإيرانية تصريحا مهما للغاية، في توقيته ومضمونه، وفي كونه يأتي من قائد بارز بالحرس الثوري الإيراني، حيث يؤكد فيه أن إيران تدعم بالسلاح من وصفهم بجيوش الحرية في منطقتنا.

وعندما تتحدث طهران عن دعمها بالسلاح لجيوش الحرية فالمقصود حركة حماس الإخوانية، والجهاد الإسلامي، وحزب الله الإيراني، وغيرها. وأهمية هذا الاعتراف أنه يأتي بعد نفي مستمر من المحسوبين على إيران في منطقتنا، فنحن لم نعد نتحدث هنا عن الدعم المادي أو المعنوي، من إعلامي وغيره، بل حتى الدعم بالسلاح، وهو أمر كان معروفا لكن لا تقر به طهران.

لكن هناك نقطتين أساسيتين هنا وهما: هل الجماعات المحسوبة على إيران هي جيوش الحرية فعلا، أم أن الحرية مظلومة، وباسمها يبرر انتهاك السيادة الوطنية لدولنا، واختطاف قضايا العرب من أجل مصالح إيرانية؟

والسؤال الثاني: هل بمقدور طهران الاستمرار في تمويل أبنائها الشرعيين، أو الأبناء بتبني المصالح، وإلى أي مدى في ظل انخفاض أسعار البترول والأزمة الاقتصادية والحصار المالي على إيران؟

وللإجابة على السؤال الأول لا بد أن نستعين بالحقائق التي تقول إن حماس انقلبت على السلطة الشرعية، وشقت الصف الفلسطيني، وأكبر داعم لها هو إيران. وآخر بطولات حزب الله كان انقلاب السابع من أيار في بيروت وبعد ذلك تحقيق المكاسب السياسية من اتفاق الدوحة.

وكلنا يرى ما يفعله أبناء إيران بالعراق، ورأينا الدعم الإيراني للحوثيين في اليمن، ونرى المحسوبين على طهران في بعض دولنا، وبالتالي فمسمى جيوش الحرية ما هو إلا بروباغندا، لأن الواقع هو أن المقصود هو جيوش تقويض الدول العربية.

الأمر الآخر هو التمويل المالي، فمع الأزمة المالية التي تضرب العالم، والانخفاض السريع لسعر برميل البترول فكل ما علينا فعله هو أن نغمض أعيننا ونتخيل ما الذي سيحدث لإيران في حال استقر سعر برميل البترول عند سعر العشرين دولارا لمدة عام كامل أو عامين!

بالطبع ستكون النتائج كارثية على النظام الإيراني داخليا وخارجيا، ففي الداخل لا يكترث المواطن الإيراني العادي بحماس أو حسن نصر الله، فكل ما يهمه هو أكل عيشه. أما خارجيا فإن أعوان إيران سيقومون حينها بارسال فواتير إشعار بالتسديد إلى طهران، ووقتها ستكون ورطة لكلا الطرفين، الأعوان وإيران، وفي عدة اتجاهات.

ولذا فإن الاعتراف الإيراني بتمويل عملاء طهران في المنطقة مهم لعدة أسباب، منها اقرار إيران بتدخلاتها في المنطقة العربية بالدعم بالسلاح لحركات ومنظمات. كما انها تمثل خير رد على من يقولون إن إيران لا تغلب طرفا على آخر، كتصريح العماد عون عن حيادية طهران في لبنان.

والأمر الأهم أنها مؤشر على ما سيكون عليه الوضع في العامين القادمين في ظل الأزمة المالية العصيبة، وانخفاض أسعار البترول المستمر، والذي وإن استقر عند السبعين دولارا مثلا فلن يكون كافيا لتستمر إيران في تقديم معونات على قدر ما تقدمه اليوم لأعوانها في المنطقة. كما ستكون مقدرة إيران على استكمال مشروعها النووي موضع تساؤل حقيقي!

[email protected]