كونداليزا: نغادر والمنطقة أفضل حالا؟

TT

في لقاء متلفز زعمت وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس ان الادارة الحالية تغادر الحكم ومنطقة الشرق الأوسط أفضل حالا مما كانت عليه عندما تسلمته. استنتاج مثير للجدل يستوجب منا ان نناقشه. ومراجعة سريعة ستظهر لنا كم هي مخطئة فالمنطقة أسوأ حالا اليوم، حتى لو كان لكل واحد منا له تفسيره حول ما هو الأفضل المفترض.

لنأخذها ملفا ملفا. ترك بيل كلينتون الرئاسة، وخلفه جورج بوش والقضية الفلسطينية كانت قريبة من الحل. ورغم العنف حينها إلا أن الشعور العام بان الحل ممكن. بوش افتتح رئاسته بشكل ايجابي معلنا انه منفتح على إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية جنبا إلى جنب لكن إدارته على مدى سبع سنوات أهملت القضية بدعوى انشغالها في ملاحقة مجرمي القاعدة. لو أنها توجهت إلى حل النزاع بشكل متزامن مع الحرب على الارهاب، لوجدت تجاوبا اسرع عربيا واسرائيليا، لان اميركا كانت في ذروة غضبها ونفوذها، وكان سينظر اليها ايجابيا بتحقيق التوازن. لا نستطيع إلا أن نقول ان الادارة ضيعت سنوات ثمينة جدا كان بامكانها إنهاء النزاع العربي الإسرائيلي خاصة أن بوش عرف بشخصيته القوية في الفترة الأولى.

أما في ملف الارهاب فلا نستطيع ان نلوم حكومة بوش على استمرار أزمة الإرهاب حتى اليوم لانها شاملة ومتجذرة وستستغرق وقتا طويلا، إنما لا بد من القول إن أخطاءها في العراق عززت الارهاب ونشرته.

والعراق هو أكثر ملفات حكومة بوش جدلا في العالم. بخلاف كثيرين أعتقد ان اسقاط نظام صدام كان ضرورة، فالتعامل مع صدام صار صعبا واسقاطه كان حتميا، الا ان ذريعة اسلحة الدمار الشامل كانت واهية، ومن هنا سارت الإدارة في مشروع كبير أول خطواتها بشكل خاطئ. توالت اخطاء فريق بوش في ادارة العراق منذ اول يوم سقطت فيه بغداد، من حل للجيش والأمن والحزب. وتوجت اخطاءها بنوع الحكم الذي صنعته. ففي الوقت الذي حاربت فيه واشنطن الجماعات الدينية المتطرفة في انحاء العالم قامت بتسليمهم حكم العراق على طبق من ذهب، والنتيجة كارثية اليوم والى سنوات مقبلة.

النتيجة ان فشل الادارة في حكم العراق شجع اكثر أجنحة ايران تطرفا على صعود الحكم مما بث في المنطقة تطرفا لم تشهد مثله حتى في زمن الصراع مع الاتحاد السوفييتي. التطرف في ايران شجع التطرف في سورية، وبنى ترسانة هائلة لحزب الله، ومكن حماس من تخريب مشروع السلام في فلسطين. واعاد موسكو الى المنطقة وادخل بكين اليها ايضا.

ولا نستطيع أن ننسى الصومال والسودان، اللذين عاشا اسوأ ايامهما في العنف والتطرف، دون ان تستطيع إدارة بوش السيطرة على الوضع أو التأثير عليه.

ومع أن إدارة بوش هي الوحيدة في تاريخ أميركا التي سعت بالفعل إلى تشجيع الديموقراطية في الشرق الاوسط ولم تفلح لأنها أرسلت الوصفة بالبريد، فظهرت مسرحيات في المنطقة تدعي زورا اهتمامها بالمشاركة الشعبية. ولا نرى اليوم نظاما واحدا ديموقراطيا حقيقيا باستثناء السلطة الفلسطينية في الضفة مع هذا لم تقم الإدارة الأميركية بدعمها خاصة في وجه ممارسات إسرائيل البشعة التي أضعفت حكومة محمود عباس. اليوم يختتم بوش رئاسته وإيران على وشك ان تلد قنبلة نووية والصين تحمي السودان وروسيا تساند سورية وحماس تحتل ثلث فلسطين الجديدة والعراق في يد رجال الدين المتطرفين والقاعدة في كل مكان في العالم.

[email protected]