معاً تحت جسر التنهدات ! (3-5)

TT

مفاجأة: صورتي في رسالة من ستين عاماً مع شاب ألماني نحيف مثلي. ونحن في زورق تحت «جسر التنهدات» في مدينة البندقية. شيء عجيب كيف احتفظ بهذه الصورة. ومن هو. أنا لا أذكر ولا أعرف لماذا احتفظ بهذه الصورة وبعث بها إلي ومعها صورة من مقال لي صدر في نفس اليوم الذي جاء فيه إلى القاهرة. وفي خطابه قال: سألت عنك فقيل إنه الآن كاتب معروف. وأسعدني ذلك. وأرجو أن تكتب لي وأن نلتقي. ولم نلتق إلا بعد ذلك بأربعين سنة. وفي هذه السنوات حدثني عن أنه يعمل محامياً في برلين. وأن له ابنة واحدة. وأنه سعيد أنني لا أزال حياً وأنني معروف لكل المصريين الذين قابلهم.

وأرسلت له سجادة مرسوما عليها عمر الشريف والصورة عبارة عن لوحة فنية مأخوذة من فيلمه الشهير «د. جيفاجو» قصة الأديب الروسي باسترناك. وأسعده ذلك. وعلق الصورة على جدار صالونه الكبير.

ثم سألت ما الذي يحب أن أبعث به إليه. فلم يشأ أن يقول. وفهمت أنهم في ألمانيا يحبون جلود الحيوانات المفترسة. فأرسلت إليه جلد أسد وجلد نمر..

والتقينا في برلين. ظللت أنتظره في الشارع أمام الفندق. وجاء أشقر أبيض الشعر وفوجئت أنه قد عانقني كما نفعل نحن الشرقيين. وقبلني وقبلته وأبكاني وأبكيته. والتقط لنا هذه الصورة التذكارية وزير السياحة د. ممدوح البلتاجي..

ولما عدت إلى مصر سألت زوجته في التليفون إن كانت جلود الوحوش قد أعجبته فجاءني صوتها حزيناً وهي تقول: من المؤكد كانت تعجبه جداً لولا.. أنه توفي بالأمس. وبكت وطلبت من صديقي د. عصام شلتوت أستاذ الطب النووي بجامعة برلين أن يقدم للأسرة العزاء. ويدعوها باسمي ضيوفاً في مصر. لكن لا جاء ولا جاءت!