السلام والديمقراطية.. لا الرخاء وحده!

TT

لا يشكل الرخاء الاقتصادي ضمانة لحرية الصحافة..

وحده السلام يشكل تلك الضمانة.

إنها الخلاصة التي توصل إليها التصنيف العالمي لحرية الصحافة الصادر عن منظمة «مراسلون بلا حدود» للعام 2008 وفيه أتت دول مثل الولايات المتحدة وإسرائيل في مراتب متدنية من حيث الأداء الديمقراطي المتعلق بحرية الصحافة..

وبما أننا نعيش على وقع أزمة مالية حادة تعصف بالعالم كله، ربما من المفيد طرح التساؤل من زاوية أخرى تتعلق بمستقبل الرخاء الاقتصادي الذي لا يترافق مع حريات سياسية واجتماعية أساسية، وما إذا كان هذا الرخاء يشكل ضمانة ليس لحرية الصحافة فقط بل للحريات عموماً؟

الجواب سلبي بالطبع والأمثلة لا تحصى لكن لنورد واحدا منها فقط.. فقبل أيام ورد خبر على هامش بعض المواقع الاخبارية عن تعرض موقع مدونة الكترونية للحجب من قبل جهات رسمية بعد أن عرضت المدونة لبعض النتائج الحقيقية للأزمة المالية العالمية وانعكاسها على إحدى المدن العربية المتقدمة اقتصادياً.

بالطبع ليست المدونة وحدها التي تعرضت للحجب، بل هناك آليات مراقبة رسمية عربية فعلية وجدية لكيفية تغطية الإعلام العربي للأزمة المالية الراهنة. وإن كانت المهنية تفترض أن لا يبالغ الإعلام بالتوقعات أو التحليلات غير المنطقية، فالمهنية تقتضي أيضاً عدم حجب الحقائق أو تبسيطها على نحو مضلل.

لا شك أن الأزمة المالية الحادة التي هزت الأسواق العالمية ضاعفت من التخبط الذي يسود مساحة واسعة من الخطاب الإعلامي والثقافي العربي. فرغم بعض الجهود الجدية، لا يزال هناك قصور فادح في الإحاطة بأزمة من نوع الانهيار المالي وهي أزمة برزت مؤشراتها منذ أكثر من عام.

تصدر محللون واقتصاديون عرب الشاشات وعناوين الصحف بتحليلات فيها الكثير إما من التطمينات غير المنطقية أحياناً أو الحافلة بأوهام قائمة على التبشير بانهيار قريب لليبرالية والرأسمالية الجشعة.

لا شك أن هناك أزمة كبرى يتحمل في جزء كبير من مسؤوليتها ليبراليون متطرفون كرسوا مفاهيم اقتصادية متوحشة لكن استغراق بعض الإعلام في هذا التحليل وحده فيه اجتزاء للحقيقة. فالأزمة العالمية ليست أزمة رأسمالية فقط إنها أزمة مجتمعات وأحياناً كثيرة أزمة أنظمة.

فجأة وبعد الأزمة بدأ الحديث عن تضعضع في قدرات إيران على التسلح وكذلك الأمر بالنسبة إلى دول مثل فنزويلا.

إذاً انهيار الرأسمالية هو انهيار لخصومها أيضاً وبالتالي الأزمة تطال الجميع.

ما يعنينا هنا من موضوع الانهيار المالي الذي يشهده العالم هو ذلك المتعلق بعدم استعدادنا كإعلام عربي مكتوب ومرئي ومسموع للتعامل مع أزمة غير تقليدية كالتي نقع فيها اليوم. ثم إن للأزمة هذه مقدمات كانت تلوح منذ نحو سنتين مفتتحة الركود بما سمي في الصحافة الغربية بالركود العقاري لم تصل إشارات الأزمة في حينها لنا على نحو كاف. كان ذلك بالنسبة إلى صحافتنا الاقتصادية أشبه بأزمة لا تعنينا.. إلى أن اكتشفنا اليوم أنها تعنينا وتعنينا جداً..

diana@ asharqalawsat.com