هل اغتيال أوباما أكثر احتمالا؟

TT

يقول وزير الخارجية الاميركي السابق كولن باول إنه عندما عرض عليه منصب نائب الرئيس استشار زوجته ايلما، التي طلبت منه ألا يقبل خوفا على حياته، بعدها أعلن رسميا رفض الترشح. بخلافه يركض اليوم باراك اوباما في كل انحاء الولايات المتحدة، في واحدة من اكثر الانتخابات الاميركية إثارة وتاريخية، ووراءه يركض فريق كبير من رجال الأمن السري يفحصون الوجوه، ويفتشون السيارات، ويصخون السمع، بحثا عن قاتل يستهدف اول مرشح أفريقي اميركي للرئاسة.

وقد أزعجت أنباء اعتقال شباب بيض بتهمة التآمر لاغتيال اوباما بعد ان اقترب من وصوله للرئاسة أكثر من خصمه جون ماكين في بلد في حالة هيجان يتطلع للتغيير الرئاسي الموعود بعد نحو اسبوع. الاغتيالات جزء مهم في رواية التاريخ السياسي الاميركي، فاغتيال الزعيم الشعبي مارتن لوثر كينغ حدث في مثل هذا العام قبل اربعين سنة ولا تزال العنصرية رغم ذلك تتنفس في هذا البلد المختلط السكان رغم التبدلات الايجابية التي طرأت على عموم المجتمع الاميركي في العلاقات العرقية بدليل شعبية اوباما الكبيرة.

استهداف الزعماء احتمالٌ لا مفرّ من حسابه فهو اكثر وسائل التعبير عنفا ورسالة. ولا شك ابدا ان المرشح اوباما مهدد منذ اليوم الاول الذي سجل اسمه مرشحا للرئاسة، والخوف على حياته سيزداد إن صار رئيسا للولايات المتحدة. وهو رجل غير محظوظ، فأعداء اوباما هم من كل الاطياف، من القاعدة الاسلامية المتطرفة التي تعتبر اغتيال الرئيس الاميركي مشروعها الارهابي الاول، والى الجماعات الاميركية البيضاء العنصرية التي تعارض وصول أي عرق آخر الى الحكم. وأيا يكن الرئيس، ومهما كان لونه، او موقفه السياسي، فانه مستهدف من تنظيمات مسلحة بالغة الخطورة، أو حتى من قبل افراد مجانين كما حدث للرئيس الاميركي السابق رونالد ريغان الذي كاد ان يقتل بعد ان استقرت الرصاصة على مقربة من قلبه على يد فتى قضت المحكمة بإرساله الى مصح عقلي.

إلا ان استهداف اوباما سيثير من اللغط اكثر من أي زعيم اميركي آخر لانه سيحرك الكراهية العنصرية وسيعزز نظرية المؤامرة التي لا تزال المرجع الأول حتى هذا اليوم في تفسير اغتيال الرئيس جون كينيدي. والكثيرون يتحدثون عن اغتيال اوباما على أنه أمر مؤكد ويشككون في ان تطأ قدماه عتبة البيت الابيض. لذا سلامة اوباما لا بد انها الهاجس الأول عند المؤسسة الامنية الاميركية لانها تدرك جيدا المخاطر واللغط حوله وتبعات فشلها في حمايته. والحقيقة ان برامج وحياة الرئيس الاميركي، مثل معظم زعماء العالم، تغيرت كثيرا مع تعاظم خطر الارهاب، ولم يعد مسموحا له ان يظهر للناس، ويختلط معهم كما كان يحدث في الماضي. وتبقى الانتخابات الخطر الأعظم لأنها مسرح مفتوح، مكتظ بعشرات الآلاف، وعلى مدى عام كامل، لكن بعد ان يفوز ويدخل البيت الابيض رئيسا لن تكون سهلة مصافحته او مشاهدته الا عبر التلفزيون. لم تعد هناك مواكب مكشوفة، ولا سيارات الرؤساء تسير في الشوارع ببطء لتحية الجماهير. لقد انتهى زمن البراءة وحل محله زمن رجال البوليس السري ذوي النظارات السوداء، هذا هو ثمن الارهاب.

[email protected]