انطلاقة عمل المرأة بعد انطلاقة تعليمها

TT

وأنا أتابع احتفالية جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن التي وضع حجر أساسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز قبل أيام كأول جامعة للبنات في السعودية استسلمت تلقائيا للتفكير في مشوار تعليم المرأة في السعودية، حيث أسست أول مدرسة حكومية لتعليم البنات في عام 1960، واستثارت في بدايتها بعض أصوات الاحتجاج والتشكيك، لكن الموقف الحاسم للملك الراحل فيصل بن عبد العزيز شكل أداة الدعم الرئيسية لانطلاقة مسيرة تعليم المرأة وتجاوز كل المعوقات.

اليوم وبعد أقل من خمسة عقود من بدء التعليم الرسمي للمرأة يأتي الملك عبد الله بن عبد العزيز ليؤسس أول جامعة متكاملة للبنات، ولتتضافر جهودها مع جهود الأقسام النسائية في الجامعات المختلفة لدعم انطلاقة المرأة السعودية التي تمثل طلائعها اليوم كوكبة رائعة من السيدات الرائدات، وسأتوقف هنا عند واحدة منهن تتداول اسمها هذه الأيام الصحافة السعودية بقدر كبير من الفخر والاعتزاز، هي الطبيبة السعودية نورة أحمد رشاد التي تتلقى عروضا مغرية من جهات متعددة كجامعة هارفارد وغيرها للاستفادة من اكتشافها الطبي العظيم الذي أنقذ الملايين من مرضى السكري من البتر بسبب الغرغرينا، كما مكن من حماية الأمعاء من الاستئصال، حيث كان النظام العلاجي في السابق يحتاج إلى أطباء متخصصين في عشرة تخصصات فيما لا تحتاج العملية اليوم إلا إلى طبيب واحد فقط بفضل اكتشافها. وكما أسلفت فإن الطبيبة نورة رشاد هي واحدة من بين كوكبة من السعوديات المتميزات في مجالات الطب والاقتصاد والإعلام والعلوم والآداب والفنون وغيرها من المجالات المتعددة.

إن الخطوة التي تتطلع إليها المرأة السعودية اليوم بعد منجز تعليمها تتمثل في توسيع قاعدة ميادين عملها وإسهامها في خدمة المجتمع، فلا تزال الكثير من الشهادات العلمية للمرأة معلقة على الحائط كمسحاة فلاح متقاعد لعدم توفر فرص العمل الذي يوشك أن يحتكره الذكور في المجتمع، فالمعارضة التي كانت تواجه تعليم المرأة في الماضي تتخذ اليوم ذرائع مختلفة لتضييق مجالات عمل المرأة حاليا إلى الدرجة التي تضطر بعض التربويات والجامعيات لقبول العمل كمعلمات في المدارس الأهلية برواتب متدنية في غياب الحد الأدنى للأجور!

نحن اليوم في حاجة للتأسيس لتوسيع انطلاقة عمل المرأة بعد اكتمال انطلاقتها التعليمية، كما نحن في حاجة لإيجاد المزيد من الحوافز في دروبها لتسطع شمسها على كل خارطة الوطن، فالمرأة التي تهز المهد بيمينها ـ كما قال نابليون ـ يمكنها أن تحرك العالم بيسارها.. وهذه القوة الهائلة ينبغي استثمارها لحاضر الوطن ومستقبله.

[email protected]