هل تعيد إيران النظر في سياستها الخارجية؟

TT

فشلت إيران في الحصول علي كرسي غير دائم في مجلس الأمن الدولي بعد ان ترشحت مقابل اليابان. وقد حصلت اليابان على 158 صوتا مقابل 32 صوتا وتمكنت من دخول مجلس الأمن للمرة العاشرة. وكان المراقبون يتوقعون فشل ايران في كسب أصوات أغلبية أعضاء مجلس الأمن، ولكنهم لم يعرفوا ما هي الأصوات التي ستحصل عليها إيران.

الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد تحدث في مناسبات عدة عن دعم البلدان الاسلامية وأعضاء حركة عدم الانحياز لحق بلاده في امتلاك التقنية النووية، ولكن التصويت أظهر أن الدبلوماسية الايرانية لم تكن تدرك جيدا عدد الدول التي ستصوت لإيران مقابل اليابان.

وكان عدد الدول التي صوتت لصالح ايران (32 دولة) ضئيلا بالمقارنة مع الدول التي صوتت لصالح اليابان (158 دولة) من مجموع 192 دولة. وقد أبدى ممثلو الدول الاوروبية في الامم المتحدة وزعماء اسرائيل عن فرحتهم العارمة لعدم حصول ايران على اغلبية الاصوات واعتبروا التصويت هزيمة كبرى لإيران ودليلا على عزلتها في المجتمع الدولي.

وكانت ايران قد اقترحت على اليابان التنحي لصالحها مقابل دعم ايران لليابان في الحصول على كرسي دائم في مجلس الامن الدولي، ولكن اليابان لم تقبل بل أصرت على كسب الكرسي عن القارة الآسيوية لأنها كانت على يقين بفوزها في تصويت مجلس الأمن.

العتب الإيراني لليابان لم يؤثر على موقفها بل انها واصلت سعيها للحصول على كرسي غير دائم في مجلس الامن، ولكن ايران التي كانت تعول على دول حركة عدم الانحياز والدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي فشلت في الحصول على اصوات هذه الدول.

وطبيعي ان الدول الاعضاء في الامم المتحدة صوتت لصالح اليابان لأنها ذات وزن كبير في الاقتصاد العالمي، وهي من اكبر الدول الداعمة للامم المتحدة ومجلس الامن، حيث تدفع طوكيو حوالي 20 في المائة من ميزانية الامم المتحدة، لذلك فان حظها في الحصول على كرسي غير دائم في مجلس الأمن فاق كثيرا حظ ايران التي واجهت اربع قرارات ضدها صدرت من مجلس الامن الدولي تواجه بصورة متزايدة انتقادات الدول الكبرى وما تسمي بدول 5+1 وهي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن (امريكا وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا) وألمانيا التي تدعو ايران باستمرار الى تعليق تخصيب اليورانيوم وترفض ايران طلب هذه الدول رغم فرضها عقوبات اقتصادية عليها.

ومعارضة ايران للقرارات الدولية كانت سببا مباشرا لتصويت أعضاء الامم المتحدة لصالح اليابان، ولم تتمكن ايران من كسب اصوات دول عدم الانحياز والبلدان الاسلامية التي دعمت برنامجها النووي. وينتقد العديد من السياسيين الايرانيين السياسة الخارجية الايرانية بسبب عدم تقييمها الصحيح للاوضاع الدولية ومدى دعم الدول الاعضاء في الامم المتحدة للموقف الايراني.

ودعا سياسي، طلب عدم ذكر اسمه، الدبلوماسية الايرانية الي النقد الذاتي، وطالب وزارة الخارجية الايرانية تقييم الوضع والرد على هذا السؤال: ما هي الخطوات التي كان يجب عليها ان تتخذها ولم تقم بها والخطوات التي كان عليها ألا تقوم بها وقامت بها؟ ويعتقد العديد من المراقبين بأن ايران لم تدرس الموقف جيدا وكانت تعول كثيرا على الدول الاعضاء لحركة عدم الانحياز والبلدان الاسلامية الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي.

المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية حسن قشقاوي اعلن في تعليق على فشل ايران لكسب كرسي في مجلس الامن قائلا إن ايران درست الموضوع جيدا ولكن سبب عدم فوز ايران هو تركيبة مجلس الامن وعدم تقسيم عادل للعضوية في هذا المجلس. ورأى المتحدث باسم الخارجية الايرانية أن 74 دولة لم تحظ بعضوية غير دائمة لمجلس الأمن حتى مرة واحدة وان 42 دولة ومنها ايران حصلت مرة واحدة على عضوية غير دائمة لمجلس الامن الدولي اي من عام 1955 الى 1956.

اليابان تولت عضوية مجلس الأمن 9 مرات سابقا، وهذه هي المرة العاشرة التي تحصل على عضوية غير دائمة في مجلس الامن.

وهذه ثاني مرة تقدم فيها ايران طلبا من اجل الحصول على عضوية غير دائمة لمجلس الامن لعامي 2009 و2010. وأعلن السفير الايراني لدى اليابان عباس عراقجي أن ايران قدمت طلب العضوية قبل اليابان بكثير ولم تكن تتوقع من اليابان ان تواصل العمل من اجل الحصول على العضوية وكان على اليابان ان تراعي أسبقية ايران.

مع ان ايران فشلت في الحصول على كرسي مجلس الامن، إلا انها لا تزال تعمل من أجل تحقيق هدفها هذا لأنها كما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية ‌الايرانية جادة في الحصول على عضوية مجلس الأمن وسوف تقوم بخطوات مماثلة من اجل الوصول الى هدفها.

والسؤال الرئيس هو لماذا أصرت إيران على منافسة اليابان للحصول على كرسي غير دائم في مجلس الامن وهي تعلم جيدا أن اليابان لها حظ أوفر بالحصول على الكرسي. الجواب هو ان ايران كانت تدرك قوة ونفوذ اليابان، ولكنها كانت تعتقد بأن ما لا يقل عن نصف دول العالم سوف تدعمها في التصويت، وبذلك يمكن ان تظهر للعالم مدى قوتها وانها غير معزولة دوليا كما تصفها الدول الكبرى.

ومهما كان التصور الايراني فان نتائج التصويت جاءت عكس ما توقعه الدبلوماسيون الايرانيون؛ إذ أظهرت نتائج التصويت أن الدول الداعمة لايران كانت أقلية مقابل الاغلبية التي دعمت اليابان. وكان الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد قد أعلن سابقا أن حوالي 150 بلدا من بلدان العالم تدعم البرنامج النووي الايراني، واظهر التصويت أن من قدم هذه المعلومات للرئيس الايراني كان على خطأ في تقدير عدد الدول الداعمة لإيران. والآن وبعد ان فشلت ايران في كسب أصوات المجتمع الدولي هل تعيد النظر في سياستها الخارجية وتقييم دور ايران علي الساحة الدولية؟ أم انها ستواصل اتهام الدول الكبرى بعدم السماح للدول المستقلة بالعمل في المنظمات الدولية وعدم عدالة النظام الدولي كما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية. والسؤال المطروح هو: هل ان ايران لا زالت تعتبر التصويت في مجلس الامن غير عادل؟ وهل انها ستواصل سعيها من جديد من أجل كسب عضوية مجلس الأمن ام ان نتائج التصويت ستجعل القائمين على الدبلوماسية الايرانية يعيدون النظر من جديد في سياساتهم ويقومون بتقييم الاوضاع الدولية على أسس موضوعية؟

* كاتب وصحافي إيراني