ماكين أفضل لنا من أوباما

TT

على من يعتقد أن الاثنين صنوان لا يختلفان ألا يكمل قراءة هذه المقالة. قضايا ثلاث رئيسة تجعلني أعتقد أن ماكين أفضل لنا من أوباما: الصراع العربي الإسرائيلي والعراق وإيران.

على جبهة الصراع العربي الإسرائيلي، فإن ماكين من نفس المدرسة الجمهورية التقليدية التي طرحت حل الصراع العربي الإسرائيلي من خلال ما سمي بـ«حل الدولتين» ـ أي قيام دولة فلسطينية تحفظ حقوق ومطالب الشعب الفلسطيني الأساسية إلى جانب دولة إسرائيل. وهو موقف يتوافق ـ في جوهره ـ مع المطلب الفلسطيني ومبادرة السلام العربية. ولأن ماكين متقدم في العمر (72عاما)، فقد يهتم بحفر اسمه في ذاكرة التاريخ في دورته الأولى إذا ما انتخب رئيسا على أنه القائد الذي أنهى الصراع العربي الإسرائيلي. بينما سيفكر أوباما الأربعيني ـ حتما ـ بإعادة انتخابه لدورة ثانية إذا ما انتخب الثلاثاء القادم رئيسا. بل قد يكون أوباما أكثر انحيازا لإسرائيل ليثبت للمتشككين في أصوله الإسلامية أنه ليس كذلك، وليبدأ غزلا مبكرا للصوت اليهودي ليعيد انتخابه مرة ثانية. وقد تنتظر القضية الفلسطينية حتى أيامه الأخيرة بعد ثماني سنوات أخرى ليدعو الفلسطينيين والإسرائيليين لكامب ديفيد لحوار من أجل السلام ـ مثلما عمل سلفه الديمقراطي الرئيس السابق بيل كلينتون.

في العراق، يريد أوباما الانسحاب بأسرع وقت ممكن ليترك العراقيين يواجهون مصيرهم. وفي ذلك تنصل من المسؤولية الأخلاقية والسياسية والقانونية بعد كل الذي عاناه العراقيون منذ سقوط صدام وبعد التضحيات التي قدموها بسبب الاخطاء الأمريكية أثناء احتلال بلادهم. بينما يرى ماكين أنه سيعمل كل ما في وسعه للبقاء في العراق إلى أن يصبح قويا قادرا على إدارة نفسه بنفسه. موقف أوباما فيه تخل عن المسؤولية تجاه بلد غزته أمريكا لجلب الديمقراطية والسلام، وعلى أمريكا ألا تغادر قبل إنهاء ما جاءت من أجله بدلا من ترك العراق فريسة للإرهاب والطائفية والقوى الإقليمية المتربصة به بأجندات متضاربة. لا وهم بأن دعوة أوباما للانسحاب مقصدها سلمي، فهو يريد سحب القوات من العراق لإرسالها لأفغانستان!!

أما بالنسبة لإيران، فقد أعلن أوباما أنه سيفتح بابا للحوار مع القيادة الإيرانية من دون قيد أو شرط، وهذا موقف ظاهره الرحمة وباطنه العذاب بالنسبة للإيرانيين قبل غيرهم. فمثل هذا الموقف، يترجمه المتطرفون في القيادة الإيرانية على أنه استسلام أمريكي للموقف الإيراني المتشدد تجاه سياستها الخارجية، وتدخلها السلبي في الشؤون اللبنانية والعراقية واليمنية، وفي مسألة البرنامج النووي الإيراني. موقف أوباما سيضعف حتما كل دعوات التعاون الإيراني مع المجتمع الدولي الصادرة من داخل إيران. بينما لا يغلق ماكين نافذة الحوار مع إيران، لكنه في الوقت نفسه لا يتبنى الحوار وحده طريقا للحد من المغالاة في السياسة الإيرانية. صحيح أنه يطرح كل الخيارات، لكنه لم يعط القيادة الإيرانية «شيكا على بياض» باسم الحوار لحل المشاكل العالقة بين إيران وبقية المجتمع الدولي الذي تلعب الولايات المتحدة الأمريكية دورا أساسيا في سياساته. لعل من المهم التذكير بثلاث قرارات دولية لمجلس الأمن تتعلق بضرورة انصياع إيران للتعاون الدولي في مسألة التفتيش على منشآتها النووية. كما أن إيران «المتشددة» تراهن على نجاح أوباما لأن ذلك سيكسبها مزيدا من الوقت للمناورة في مسألة برنامجها.

العاطفة تقول إن أوباما أقرب لنا من ماكين: فهو أقرب لسحنتنا العربية، واسم أبيه حسين، ولعل لديه جذورا إيمانية إسلامية، كما أنه شخصية أكثر جاذبية وبلاغة من ماكين.. لكن هذه شكليات، لا علاقة لها بالسياسة..

على أية حال، المتوقع فوز أوباما وليس ماكين، وعندها لكل حادث حديث!!