إلى النافذة المقابلة

TT

كتب الجار الكبير على نافذته الجميلة يوم الخميس عن أغنية فيروز «طير الوروار» وقال إنه بحث عن سبب التسمية ولم يتوصل إليه. وبما أنه من أبناء المدن الكبرى والمحبَّر ابن قرية، أحب أن اكتب إليه ما أعرفه عن هذا الصفَّار البديع الألوان، ولكنه للأسف يعتاش على النحل، أو بالأحرى، يغزو قفائره.

أعتقد أنه سمي «وروار» لأنه يصدر صوت ور ور ور، ولا يصمت ولا يسكت ولا يكِّن ولا يستكين. ور ور ور. وتشبه ورورته صفارة شرطي السير، ولذلك لقبه الصيادون «البوليس» وسموا السرب منه «الدورية».

وبذريعة أنه يعتدي على النحل يطارده الصيادون والنحالون ببنادقهم ورشاشاتهم. وفي أيلول الماضي أسقط منه قرب حديقتي نحو 50 عصفورا جميلا زاهيا وبديع الألوان. ولم يلتفت أحد إلى غناء فيروز «دخلك يا طير الوروار/ خبرني بحالن (حالهم) شو صار».

وأما الداعي لكم بطول العمر فقد بدأ صيد العصافير في الرابعة عشرة من العمر وتخلى عنه في الرابعة عشرة. أفضل تغريدها على لحمها، وألوانها على شوائها. لكن هذا لا يعني أنني لا أتناول حصتي منها عندما يدعوني منصور الرحباني إلى «جاط» عصافير عند «الحلبي»، و«الجاط» وعاء ما بين الطنجرة والدست، وهو مقياس ريختر في دعوات منصور.

يأتي الورور أو الوروار إلى لبنان أول الربيع مرفرفاً من كازاخستان وتوركمنستان، ويظل في الربوع حتى أواخر الصيف، فتتجمع أسرابه مثل جيوش نابليون المهزومة وتبدأ في الرحيل على انخفاض. ويخدعها الصيادون الخدعة الكبرى بأن يشعلوا حرائق تبعث الدخان، فيخيل إليها بكل غباء أنه موسم قطاف القفائر، فتلتقي لتنقض، لكن خرطوش الصيادين يكون قد أرداها بالعشرات. وأعتقد أنها لكثرة ما هي رصيفة لا تقتل بالخردق بل بالسكتة القلبية.

كتب عاصي ومنصور ولحنا معظم أغاني فيروز. لكن «طير الوروار» كتبها ولحنها شقيقهما الياس الرحباني. وهو مؤسسة رحبانية قائمة بذاتها. وإن على مفتاح موسيقي مختلف، تماماً مثلما هي هدى حداد، شقيقة فيروز، التي دخلت الحلقة الذهبية متأخرة وخرجت منها مبكرة.

ولا داعي لأن يتضايق الجار الكبير من آكلي النحل ومبددي العسل. فالأبحاث تقول إن الورور في طريق الانقراض. وربما كان أحدَ الأسباب صيادو لبنان، الذين يحولون بدايات الربيع والخريف إلى مجازر للعصافير المغردة، أو المصفرة. الدورية.