اعتبروا يا أولي الألباب

TT

لا شيء في الدنيا أسوأ من (أم الخبائث) التي يقال لها الخمرة، وقانا الله وإياكم منها.

ومن أكثر شعوب الأرض تعاطياً لهذا المنكر هم فئة من الروس، وقد قال لي أحدهم إنهم هناك يشربون ما يسمونها (بالفودكا)، وإذا عزت عليهم تلك البلوى فإنهم لا يتورعون عن شرب الكولونيا وزيت السيارات.

قلت له: اتق الله يا رجل، فالكولونيا مفهومة فما أكثر المجانين الذين يتعاطونها ولكن (فرامل السيارات) هذه كبيرة ولا أستطيع أن أهضمها.

قال: والله العظيم إنهم يفعلون هذا، وقد قتل من جراء ذلك أربعة أشخاص قبل أسبوعين في ضاحية من ضواحي موسكو، أرجوك لا تكذبني.

قلت له: لا بالعكس (عداك العيب).. ولكن هل توافقني أن الخمرة هي أسوأ اختراع اخترعه الإنسان دون أن يعي؟!

قال لي متهكماً: أكيد أنه اخترعه وهو سكران طينة، مثلما هم بعض الذين يتزوجون كالمهابيل. أجبته وأنا مقطب الحاجبين: لو سمحت إنني (سيريس) أي ـ جاد ـ.

قال: معاك حق، فوزارة الصحة الروسية ذكرت أن حوالي (50%) من الرجال و(17%) من النساء يعانون الإدمان بدرجات مختلفة، وان الإفراط في تناول الكحول يعتبر من الأسباب الرئيسية بالوفاة في البلاد، وخلال السنوات الثلاث الماضية ثبت أن ثلثي الرجال الذين توفوا من جراء ذلك تتراوح أعمارهم ما بين 20 و55 عاماً.

قلت له: إذن أنت توافقني على شجب هذه العادة الرذيلة، وتأكيداً على كلامي هذا هل تصدق أن هناك عاملا أرجنتينيا رجع إلى منزله في آخر الليل مخموراً، وانطرح كالحيوان على سريره بجانب زوجته وراح يشخر طوال الوقت كالثور الهائج، وعندما أفاقت زوجته ذهلت من الدماء الغزيرة على مخدته وتحت رأسه، وحاولت أن تفيقه دون جدوى، وكلما صرخت بوجهه كان يقابلها بالضحكات والشتائم!، وتفاجأت عندما قلبته على بطنه أن هناك سكيناً مغروسة في عنقه، ولم تفلح المسكينة في إخراجها وطلبت الإسعاف، ونقلوه إلى المستشفى وهو ما زال يشتم زوجته ويضحك، ثم أغمي عليه ووضعوه في غرفة العناية المركزة لمدة ثلاثة أيام بعد أن أجروا له عملية لإخراج السكين من عنقه.

وعندما أفاق لم يذكر شيئاً مما حصل له قبل أن يعود إلى بيته، سوى أنه كان يمزح ويتسلى ويلعب (البوكر) مع أصحابه ـ أي أنه فوق تعاطيه (لأم الخبائث) هو أيضاً اقترف إثم (الميسر) ـ ولا حول ولا قوة إلاّ بالله ـ.

واستمررت في كلامي معه قائلا: هل تصدق أن هناك شركة وطنية لصناعة (البيرة) في دولة زمبابوي، دفعت غرامة لرجل تعويضاً لأنه وجد في زجاجة البيرة (واقياً) نسائياً لمنع الحمل؟!، والمصيبة أن ذلك الرجل لم يكتشف الواقي إلاّ بعد أن (قربع) الزجاجة عن بكرة أبيها، وقال لهم ذلك وهو (يترنح) ممسكاً بالواقي بيده.

وهل تصدق أن صاحب (بار) ـ أي حانة ـ في ألمانيا أراد أن يجلب لمحله أكبر قدر من الزبائن، فتفتقت قريحته على أن يأتي بحمار ويدربه على شرب (البيرة) ـ الجعة ـ بحيث أنه يلتقط بفمه وعاءً كاملا من الجعة ويفرغه بجوفه برشفة واحدة؟!، ويبدو أن صاحب المحل قد (زود العيار) له في إحدى الليالي فسكر الحمار وبرطع (واستخف به الطرب) فما كان منه إلاّ أن عاث بالمكان تحطيماً وبالزبائن عضاً إلى درجة أنهم نقلوا ستة أشخاص إلى المستشفى بمن فيهم صاحب الحانة نفسه الذي كسرت له ثلاثة أضلاع.

هذه هي (أم الخبائث) فاعتبروا يا أولي الألباب، انتبهوا.

[email protected]