للصغار والكبار أيضا!

TT

لم تكن كل هذه القصص موجهة للأطفال وإنما للكبار أيضا. وإن كانت حكايات يصادفها الطفل أو علم بها..

وأشهر هذه القصص ما كتبه أيسوب وهو عبد عاش في القرن السادس قبل الميلاد. ولا تزال حكايته متعة أدبية تماما مثل موسيقى الزنوج الذين جلبوهم من أفريقيا. ولا يزال الزنوج حتى يومنا هذا هم الذين اخترعوا أشهر الرقصات ـ مما يهز الجسم والنفس والعقل. إنها ثورة العبيد على الأحرار وجرجرتهم وراءها كأنهم عبيد!

وكتب الشاعر الإنجليزي تسوسر في القرن السادس عشر حكايات أيضا. وما قاله الشاعر الفرنسي لافونتين في القرن السابع عشر حوالي مائتي قصة مأخوذة من قصص أيسوب وأخرى من ابتداعه هو.

وفي القرن التاسع ظهرت قصص الأخوين جرين والكاتب الدنماركي أندرسون.. وهم جميعا أكثر تعمقا من الكتاب السابقين وأقدر على إثارة القارئ الصغير والكبير.

كما ظهرت «كليلة ودمنة» حكايات على ألسنة الحيوان.

حتى حكايات ألف ليلة وليلة نحن أفسدناها عندما جعلناها أضحوكة للصغار، فالأطفال لا تبهرهم ألف ليلة وليلة وأن يطير إنسان فوق حصيرة وقد رأوا الطائرات وسفن الفضاء «بلاي ستاشن» وغيرها. ولكن ظهور ألف ليلة وليلة في التلفزيون يدل على أن الرجل ما يزال صغيرا، وإن كان الصغير قد صار كبيراً، وقد سبقه وصار كبيرا. ولقد عدلنا عنها خجلا وإمساكا عن تبديد المال العام!

وسار في هذا السبيل كامل الكيلاني وعبد التواب يوسف وأحمد نجيب وآخرون.. ولكن اهتماما أكثر بالواقع العصري أو العربي. وكانوا أقرب إلى الطفل لأنهم يعرفونه شخصيا ويعرفون لغته وأمه وأباه.

ونرى العجب في المعرض الدولي لكتب الأطفال الذي يقام في (بولونيا) بإيطاليا. ونرى المسابقات والجوائز الثمينة على الأغلفة. ثم على الإخراج وعلى القصة نفسها. هذه لطفل عمره خمس سنوات وهذه لسبع وهذه لعشر.

وقد رأيت في أمريكا مكتبة للطفل بهرتني. فوجدتهم يحكون قصص الفضاء للطفل. فهذه القصة يقولونها لمن عمره سبع سنوات ونفس القصة لمن كان عمره عشرة. ولكن بعبارات واضحة وأرقام. ونفس القصة للتلميذ والطالب والمدرس والباحث. ولكن بعبارات ومعادلات رياضية ـ ما أروعهم وأعظم هؤلاء القادرين على تبسيط العلوم طعاما سائغا للعقول!