السعودية هي المستفيد

TT

غداً نكون قد تعرفنا على الرئيس الأميركي الجديد، سواء الجمهوري ماكين، أو الديموقراطي اوباما، إيذانا بدخولنا إلى مرحلة زمنية جديدة، خطرة ومؤثرة على منطقتنا وعالمنا الإسلامي.

يأتي الرئيس الجديد وأمامه مهمة استكمال أو إيقاف حربين، في العراق وافغانستان، وملف الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وكذلك التعامل مع إيران. وعلى الرئيس الجديد أن يباشر معركة إصلاح الاقتصاد الأميركي، والذي يؤثر عالميا.

لا يستطيع الرئيس الجديد فعل كل ذلك بمعزل عن منطقتنا، فمن أجل استقرار اقتصاد أميركا والعالم يظل البترول عاملا رئيسيا. وعليه فعند النظر للمرحلة المقبلة من زاوية منطقتنا، ومن سيكون المستفيد فيها، فإن جميع المؤشرات تقول إنها السعودية.

فبعد أحداث 11 سبتمبر العصيبة، عادت الرياض لتصبح عاملا مهما، كما كان من قبل، لا يمكن لواشنطن تجاهله. والبعض يرى في ذلك حظا سعوديا، لكن السياسة لا تعرف الحظ، بل اتقان لغة المصالح.

والقول بإن السعودية هي المستفيد في منطقتنا ليس أماني بقدر ما أنه معطيات على الأرض، كان العامل الرئيسي فيها العقلانية السياسية، ومواجهة ملفات مستحقة داخليا وخارجيا. فإذا جاء اوباما رئيسا وأراد تحسين صورة أميركا، ووضع حدٍ للحروب بالعراق، وأفغانستان التي سبق لرئيسها المطالبة بدور سعودي، وحل الأزمة الاقتصادية، فإنه سيذهب إلى الرياض.

وإذا كان هدف اوباما الحوار فهو أمام الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي طرح مبادرة الحوار بين الأديان. وإذا أراد اوباما تحريك ملف الصراع العربي ـ الإسرائيلي، فلديه مبادرة السعودية للسلام، والتي عادت إسرائيل ترحب بها للتو.

وعند التعامل مع إيران فلن يستطيع اوباما تجاهل السعودية، فانخفاض أسعار البترول عن السبعين دولارا يعد مأساة للنظام الإيراني، على عكس الرياض، وبالتالي فإن الدور السعودي السياسي سيأخذ نفوذه بشكل كبير مقابل خبو سياسة الدولار الإيراني في تحريك الملفات في المنطقة.

وقد يقول البعض إن اوباما هاجم السعودية انتخابيا بسبب البترول، وفعل ذلك قبله نائبه بايدن، لكن التاريخ يقول إن ستة رؤساء أميركيين تعهدوا بالابتعاد عن البترول السعودي منذ زمن نيكسون، لكن ما حدث كان العكس.

والأمر نفسه مع ماكين، ففي حال أصبح الرئيس فسيجد الدور السعودي مهما، وفق ما ذكرنا سابقا، ويضاف إلى ذلك أن ماكين رجل يترشح لفترة واحدة وإذا ما بحث عن حلول تاريخية للقضية الفلسطينية، فسيجد نفسه متجها للسعودي صاحب المبادرة العربية.

أما بخصوص العراق فإن السعودية دولة محورية ليست لها أطماع ببغداد مثل إيران، ولها باع طويل في كسر شوكة «القاعدة»، ما جعل السفير الأميركي في الرياض فورد فرايكر يقول إن مكافحة الإرهاب في السعودية قصة نجاح كبيرة، والرياض البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي دحر «القاعدة» في بلاده.

وقبل أمس رأينا رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون يزور مركز تأهيل المتطرفين، ويلتقي بعضهم، وليس ذلك وحسب، بل إن براون، صاحب الباع الأطول في الاقتصاد، قدم شهادة للنظام المالي السعودي.

وقبل أيام تحدث وزير الخارجية الفرنسي عن الدور السعودي الذي لا يمكن تجاهله. ولذا فنحن اليوم أمام مرحلة جديدة للسعوديين.  

[email protected]