لا هو دواء ولا أنت مريض !

TT

كنت في أوزبكستان في العصر السوفيتي. الدنيا برد. والأرض عليها جليد رقيق. ولأن الأرض غير مستوية فكان السير خطراً. وحاولت أن أجد وسيلة المواصلات. وكان يرافقني شاب يقول إن والده من رجال الدين وكنت طلبت أن أزور مسجداً. وذهبنا إلى المسجد واحتجنا إلى جهد هائل لكي نشج أبوابه العتيقة الملتصقة وفهمت إن هذا لا يحدث إلا لكبار الزوار. فالمساجد متاحف. ومن يريد أن يصلي ففي بيته وأظن إنني وجدت تشكيلاً خاطئاً لإحدى الآيات. فقد وضعوا الضمة بدلاً من الفتحة على قوله تعالى: «إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله». ولم أجد سبباً لأن أشرح له معنى ذلك لأن لغته العربية ضعيفة.. ليس لغته ولكن معلوماته الدينية أيضاً.

سألني : تصلي..

قلت : نعم..

قال: كم مرة؟

قلت : خمس مرات

قال : خمس مرات هذا كثير كل يوم

قلت : نعم

قال : ومتى تعمل؟

وعدت إلى الفندق ولم أجد ما أكتبه. فحاولت أن أخبر هذا الشباب لعله يعثر لي على شيء يستحق الكتابة. وجدته زهقان وقرفان ويبدو أن الذي قام به اليوم قد كرره قبل كذلك كثيراً.. وفجأة وجدت غرفة مكتوب عليها: طبيب..

استأذنت. فكانت طبيبة روسية. سألتها إن كانت تعرف الإنجليزية قالت: قليلاً. وأشارت أن أجلس. فقلت لها عندي صداع ومغص وارتفاع في درجة الحرارة وآلام في الظهر وزغللة في العينين ولم أعرف كيف أنام أمس.

وكل هذا لم يحدث. إنما أردت ان اعرف كيف يعالجون المرضى. وفتحت درج مكتبها ومن ورقة مهلهلة استخرجت قرصاً أبيض وقدمته لي.. تعال غداً. وفي اليوم التالي ذهبت إليها. وسألتني وقالت: زال الألم. فقلت فما اسم هذا الدواء السحري الذي يشفى كل هذه الآلام مرة واحدة!

وكان لابد أن تضحك. فقالت: ليس دواء. وإنما هو مسحوق لا فائدة منه. فليس دواء لأنك لم تكن مريضاً. وإنما هو بلاسيبو placebo وهي كلمة لاتينية معناها: سأريحك .. أو سأسرك!

وعندما يدمن المريض دواء ويخشى عليه الأطباء فإنهم يقدمون له أقراصاً مشابهة ويتناولها المريض على أنها دواء وتحقق نفس النتيجة. إنها مسألة نفسية. ونهضت الطبيبة الروسية الشقراء الحلوة وقالت لي: فرصة سعيدة ..

من الممكن!